توصل إلى الجنة والمغفرة بإذنه وتوفيقه، فهي بالضد من دعوة المشركين التي توصل إلى النار، لسوء اختيارهم وقبح تصرفهم في كسبهم، وما عليه المؤمنون هو الذي هدت إليه الفطرة، وبلّغه عنه رسله بإذنه، وأرشدوا إليه خلقه.
اعتبر بهذا وانظر إلى ما فتن به كثير من الشبان المصريين من التزوّج بالأفرنجيات والغرام بعشرتهنّ تاركين بنات وطنهم من المسلمات المؤمنات العفيفات، فأفسدن عليهم دينهم ووطنيتهم وقطعن صلة الأرحام ما بين الأزواج وأسرهم، وصارت المعيشة الزوجية فى كثير من الأحيان جحيما وغصة وعذابا أليما، حتى اضطر بعضهم إلى الطلاق بعد أن أنفق كثيرا من ثروته وماله، ومن استمر عليها أغضى العين على القذى وباع العرض رخيصا، وفقد الغيرة والنّخوة التي هى أفضل شمائل الرجل، وبها يكون التفاضل بين الرجال، وقلما اهتدت امرأة بزواجها بمسلم فأسلمت، بل لقد عظم الخطب وعمّ البلاء، فسرت العدوى إلى المسلمات المتعلمات الغنيات، فتزوّجن بمن أحببن من رجال الفرنجة بلا مبالاة ولا خشية من دين، ولا خوف من حكومة، ولا وازع من أسرة، وكل هذا من ضعف الوازع الديني، وترك الفضائل الإسلامية التي ينبغى أن تغرس في نفوس النشء إبّان الصبا.
ثم امتنّ عز اسمه على عباده ببيان هذه الأحكام فقال:
(وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي ويوضح الأدلة على أحكام شريعته للناس، فلا يذكر لهم حكما إلا إذا بيّن لهم حكمته وأرشدهم إلى فائدته، والسرّ فى تشريعه لعلهم بهذا يعتبرون، فإن الأحكام إذا ذكرت بعللها وأدلتها طبعت فى النفوس وتقبلتها على الوجه المرضى، ولم تكن صورا ورسوما تؤدى دون أن تحصل الغاية منها، وهى الإخبات إلى الله، وتهذيب الأرواح وتنقيتها من أدران الذنوب وأكدار المعاصي.