والخلاصة- أنتم قوم مسرفون في ضلالكم، متمادون في غيكم، تتشاءمون بمن يجب التبرك بهم من هداة الدين، فقد جعلتم أسباب السعادة أسبابا للشقاء ولا يخفى ما في ذلك من شديد التوبيخ وعظيم التهديد والتنبيه إلى سوء صنيعهم بحرمانهم من الخيرات.
ثم أبان أنّ الحق لا يعدم نصيرا، وأن الله يقيّض له من يدافع عنه فقال:
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) أي وجاء من أطراف المدينة رجل يعدو مسرعا، لينصح قومه حين بلغه أنهم عقدوا النية على قتل الرسل، فتقدم للذبّ عنهم ابتغاء وجه الله ونيل ثوابه، قال يا قوم اتبعوا رسل الله الذين لا يطلبون منكم أجرا على تبليغهم ولا يطلبون علوا في الأرض ولا فسادا، وهم سالكون طريق الهداية التي توصل إلى سعادة الدارين.
روى أن هذا الرجل يسمى حبيبا، وكان نجارا، قال ابن أبى ليلى: سباقو الأمم ثلاثة لم يكفروا قط طرفة عين: على بن أبى طالب، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون.
ورواه الزمخشري حديثا، وقال ابن كثير إنه حديث منكر.
ثم أبان لهم أنه ما اختار لهم إلا ما اختاره لنفسه فقال:
(وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ؟) أي وما يمنعنى من إخلاص العبادة للذى خلقنى، وإليه المرجع للجزاء يوم المعاد فيجازيكم على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
وفي هذا تقريع لهم بتركهم عبادة الخالق وعبادة غيره، وتهديد بتخويفهم بالرجوع إلى شديد العقاب.