(١) إنه أمرهم أمر تنكيل وإهانة نحو قوله لفرعون: «ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» .
(٢) إنه ذكر لفظ (الْيَوْمَ) الذي يدل على أن العذاب حاضر وأن لذاتهم قد مضت وبقي العذاب اليوم.
(٣) إن قوله بما كنتم تكفرون يومئ إلى أن هناك نعمة قد كانت فكفروا بها، وحياء الكفور من المنعم أشد ألما وأعظم مضاضة كما قيل:
أليس بكاف لذى همة ... حياء المسيء من المحسن
ثم بين أنهم في هذا اليوم لا يستطيعون دفاعا عن أنفسهم وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم فقال:
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي ففى هذا اليوم ينكر الكافرون ما اجترحوا في الدنيا من الشرور والآثام، ويحلفون أنهم ما فعلوا كما حكى الله عنهم من قولهم:«وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ» فيختم على أفواههم فلا تنطق ببنت شفة، ويستنطق جوارحهم بما اجترمت من الفسوق والعصيان الذي لم يتوبوا عنه.
ونسب الكلام إلى الأيدى والشهادة إلى الأرجل، من قبل أن الأولى لها مزيد اختصاص بمباشرة الأعمال، ومن ثم كثر نسبة العمل إليها في نحو قوله: َوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ»
وقوله:«وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ» وقوله: «بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ» ولا كذلك الثانية فكانت الشهادة بها أنسب، إذ هى كالأجنبية منها.
وجاء في الخبر:«يقول العبد يوم القيامة إنى لا أجد علىّ شاهدا إلا من نفسى، فيختم الله على فيه ويقول لأركانه: انطقى، فتنطق بأعماله. ثم يخلّى بينها وبين الكلام فيقول بعدا لكنّ وسحقا، فعنكنّ كنت أناضل» .