بطونهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هذا؟
فقال الآخر: إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه، وإذا لم نرفعه لم يسمعه، فقال الآخر: إن سمع منه شيئا سمع كله، قال: فذكرت ذلك للنبى صلّى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل:
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أي وهذا الظن الفاسد الذي قد كان منكم في الدنيا وهو أن الله لا يعلم كثيرا من قبائح أعمالكم ومساويها هو الذي أوقعكم في مواقع التلف والردى، فصرتم اليوم من الهالكين، إذ صرفتم ما منحتم من أسباب السعادة إلى الشقاء، فكفرتم نعم الخالق والرازق، وانهمكتم فى الشهوات والمعاصي.
أخرج أحمد وأبو داود والطيالسي وعبد ابن حميد ومسلم، وأبو داود وابن ماجه وابن مردويه عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى، فإن قوما قد أرادهم سوء ظنهم بالله فقال الله: «وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ» .
قال العلماء: الظن قسمان:
(١) حسن وهو أن يظن بالله عز وجل الرحمة والفضل والإحسان، قال صلّى الله عليه وسلم حكاية عن الله عز وجل «أنا عند ظن عبدى بي» .
(٢) قبيح وهو أن يظن أن الله يعزب عن علمه بعض الأفعال.