وقد يكون المعنى- إن حكمه مردود إلى كتاب الله، فقد اشتمل على الحكم بين عباده فيما فيه يختلفون، فالآية عامة فى كل اختلاف يتعلق بأمر الدين وأنه مردود إلى كتاب الله.
وقد حكم سبحانه فى كتابه، بأن الدين هو الإسلام، وأن القرآن حق، وأن المؤمنين فى الجنة والكافرين فى النار، ولكن لما كان الكفار لا يذعنون بأن ذلك حق إلا فى الدار الآخرة وعدهم بذلك يوم القيامة.
ثم أمره أن يقول لهم:
(ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي ذلكم الموصوف بهذه الصفات، من الإحياء والإماتة، والحكم بين المختلفين، هو ربى وحده، لا آلهتكم التي تدعون من دونه، عليه توكلت فى دفع كيد الأعداء وفى جميع شئونى، وإليه أرجع فى كل المهمات، وإليه أتوب من الذنوب.
وفى هذا تعريض لهم بأن ما هم عليه من اتخاذ غير الله وليّا لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا، فالأجدر بهم أن يقلعوا عنه، إذ من شأن العاقل ألا يفعل إلا ما يفيده فى دين أو دنيا.
ثم بين الأسباب التي تحمله على أن يلتجىء إليه وتجعله الحقيق بذلك فقال:
(فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي إنه الجدير بأن يعتمد عليه، ويستعان به، لأنه خالق العوالم جميعها، علويها وسفليها، على عظمتها التي ترونها، لا آلهتكم التي لا تستطيع أن تخلق شيئا.
ثم بين بعض ما خلقه وأنعم به فقال:
(جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) أي ومن حكمته لبقاء العمران فى هذه الحياة إلى الأجل الذي حدده فى علمه- أن خلق لكم