للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جنسكم زوجات، لتتوالدوا، ويكثر النسل، ويستمر بقاء هذا النوع، وجعل للأنعام مثل هذا، وبذا تنتظم شئون الحياة لهذا الخليفة الذي جعله الله فى الأرض، وتقضى مآربه الدنيوية من مأكول ومشروب، وتستمر تغذيته على أتم النظم، وأكمل الوجوه، فيشكر ربه على ما أولى، ويعبده على ما أنعم، فيفوز بالسعادة فى الحياة الآخرة كما فاز بها فى الدنيا.

وقوله «فيه» أي فى هذا التدبير وهو التزويج، فهو سبحانه جعل الناس والأنعام أزواجا ليكون بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل، فيكون هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهذا التكثير فى النسل.

وبعد أن ذكر بعض صنعه الدال على عظمته أرشد إلى بعض صفاته العظيمة فقال:

(١) (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أي ليس كخالق الأزواج شىء يزاوجه، لأنه الفرد الصمد، وقد يكون المعنى ليس مثله شىء فى شئونه التي يدبرها بمقتضى قدرته الشاملة، وعلمه الواسع، وحكمته الكاملة، ومن ثم جعل هذا التدبير المحكم لإحاطة علمه بكل شىء.

(٢) (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أي وهو السميع لما ينطق به خلقه من قول، البصير بأعمالهم لا يخفى عليه شىء مما كسبت أيديهم من خير أو شر.

(٣) (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي له تعالى مفاتيح خزائن السموات والأرض فبيده مقاليد الخير والشر، فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك منها فلا مرسل له من بعده، وقد بين هذا بقوله:

(يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه ويقتّر على من يريد، بحسب السنن والنواميس التي وضعها بين عباده فى هذه الحياة.

ثم ذكر سبب هذا البسط والتقتير فقال:

(إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي إنه تعالى عليم بكل ما يفعله من توسعة على من يوسع

<<  <  ج: ص:  >  >>