إلا زالت وصارت كأمس الدابر، وأصبحت عبرة للباقين، ومثلا للآخرين، فالرومان والفرس والعرب فى الشرق وفى الأندلس والترك- مثل ماثلة أمامنا تجلّى لنا تلك القضية «فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» .
وفى الحديث الصحيح «والذي نفسى بيده ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا همّ ولا حزن إلا كفر الله عنه بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها» .
ولما نزلت هذه الآية
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولا عثرة قدم إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر» .
وروى الترمذي وجماعة عن علىّ كرم الله وجهه قال: «ألا أخبركم بأفضل آية فى كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) قال وسأفسرها لك يا على: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء فى الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يثّنى عليكم العقوبة فى الآخرة، وما عفا الله تعالى عنه فى الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه»
والآثار فى هذا الباب كثيرة.
والخلاصة- إنه يكفّر عن العبد بما يصيبه من المصايب، ويعفو عن كثير من الذنوب وقد ثبت بالأدلة الصحيحة أن جميع ما يصاب به الإنسان فى الدنيا يؤجر عليه أو يكفّر عنه من ذنوبه.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي وإنكم لا تعجزون الله حيثما كنتم، فلا تسبقونه بهربكم منه فى الأرض حتى لا تنالكم المصايب، بل هى لا حقة بكم أينما تكونوا، والخلاصة- إن ما قضاه الله عليكم واقع بكم لا محالة ولا مفرّ منه.