فطالبوه بإحضار البينة على صدق دعواه كما يدل على ذلك قوله:
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) أي فلما جاءهم بالأدلة على صدق قوله فيما يدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الآلهة- إذا فرعون وقومه يضحكون من تلك المعجزات، كما أن قومك يسخرون مما جئتهم به.
وفى هذا تسلية لرسوله على ما كان يلقاه من قومه المشركين، وإعلام له بأن قومه لن يعدوا أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم فى الكفر بالله وتكذيب رسله، وندب له أن يستن بسنة أولى العزم من الرسل فى الصبر على أذى أقوامهم وتكذيبهم لهم، وإخبار بأن عقبى أمرهم الهلاك كسنته فى الكافرين قبلهم، وظفره بهم، وعلوّ أمره كما فعل بموسى عليه السّلام وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه.
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أي وما أرينا فرعون وملأه حجة من حججنا الدالة على صدق رسولنا فى دعواه الرسالة إلا كانت أعظم من سابقتها فى الحجية عليهم، وآكد فى الدلالة على صحة ما يأمر به من توحيد الله، ومعنى الأخوّة بين الآيات تشا كلها وتناسبها فى الدلالة على صحة نبوة موسى كما يقال هذه صاحبة هذه أي هما قرينتان فى المعنى.
ثم بين ما جوزوا به على تكذيبهم فقال:
(وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) أي وأنزلنا عليهم ألوانا من العذاب كنقص الثمرات والجراد والقمل والضفادع.
ثم بين العلة فى أخذه لهم بذلك وهو رجاء رجوعهم فقال:
(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي لكى يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان بالله وطاعته، والتوبة مما هم عليه مقيمون من المعاصي.
ولما عاينوا ما جاءهم به من الآيات البينات، والدلالات الواضحات- ظنوا أن ذلك من قبيل السحر.