(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) أي وقالوا يا أيها العالم الماهر، وكانوا يسمون العلماء سحرة، ويوقرونهم ويعظمونهم ولم يكن السحر صفة ذم عندهم.
وقد يكونون نادوه بذلك فى تلك الحال، لشدة شكيمتهم، وفرط حماقتهم.
(ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي ادع لنا ربك ليكشف عنا العذاب بما أخبرتنا من عهده إليك، أنا إن آمنا به كشفه عنا.
(إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) أي إنا لمؤمنون بما جئت به إن حدث ذلك.
ونحو ذلك ما جاء فى سورة الأعراف من قولهم:«لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ» .
ثم بين ما حدث منهم بعد دعوة موسى وكشف العذاب فقال:
(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أي فدعانا فكشفنا عنهم العذاب فلم يؤمنوا ونقضوا العهد، وقد كان هذا ديدنهم مع موسى، يعدونه فى كل مرة أن يؤمنوا به إذا كشف عنهم الرجز، ثم ينقضون ما عاهدوا الله عليه.
ونحو الآية ما جاء فى سورة الأعراف من قوله:«فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ. وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ» .
ثم أخبر سبحانه عن تمرد فرعون وعتوّه وعناده فقال:
(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ: يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) أي إنه جمع قومه ونادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها وجرى الأنهار المنبثقة من نهر النيل تحت قصوره وتحت جنانه وضياعه.