أن يقولوا بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح ونحو ذلك. قال يزيد بن مفرّغ:
الريح تبكى شجوه ... والبرق يلمع فى غمامه
فأخبر سبحانه بأن هؤلاء كانوا دون ذلك فما بكت عليهم سماء ولا أرض.
(وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) أي وما أمهلوا لتوبة أو تدارك تقصير، بل عجّل لهم العذاب.
ولما بين كيفية إهلاك فرعون وقومه، أردف ذلك ذكر إحسانه إلى موسى وقومه فقال:
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ. مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) أي ولقد خلصناهم بإهلاك عدوهم مما كانوا فيه من الاستعباد وقتل الأبناء واستحياء النساء وتكليفهم بالأعمال الشاقة، إلى نحو ذلك من وسائل الخسف والضيم إذ كان جبارا مستكبرا مسرفا فى الشر والفساد، ولا أدل على ذلك من ادعائه الألوهية، إذ قال أنا ربكم الأعلى.
وبعد أن بين طريق دفعه للضّر عنهم، أردف ذلك ذكر ما أكرمهم به فقال:
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) أي ولقد اصطفيناهم على عالمى زمانهم بما أنزلنا عليهم من الكتب وأرسلنا فيهم من الرسل، ونحن عالمون بأنهم أهل لكل مكرمة وفضل.
(وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) أي وأعطيناهم من الأمور ذوات الخطر الدالة على كرامتهم عندنا، ما فيه عبرة لمن تأمل فيه، فأنجيناهم من عدوهم، وظللنا عليهم الغمام، وأنزلنا عليهم المنّ والسلوى، إلى نحو أولئك.