(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) أي والذين جاهدوا أعداء الله فى دين الله وفى نصرة ما بعث الله به رسوله صلّى الله عليه وسلّم من الهدى، فلن يجعل أعمالهم التي عملوها فى الدنيا ضائعة سدى كما أذهب أعمال الكافرين وجعلها عديمة الجدوى.
روى أحمد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:«يعطى الشهيد ستّ خصال.
عند أول قطرة من دمه تكفّر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوّج من الحور العين، ويأمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلّى حلة الإيمان» .
وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن قتادة قال: «ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى الشّعب، وقد فشت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون: اعل هبل (أكبر أصنامهم) ونادى المسلمون: الله أعلى وأجلّ.
وقال المشركون: يوم بيوم بدر والحرب سجال. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: قولوا لاسواء. قتلانا أحياء عند ربهم يرزقون، وقتلاكم فى النار يعذبون، فقال المشركون:
إن لنا العزى ولا عزّى لكم. فقال المسلمون: الله مولانا ولا مولى لكم» .
ثم فسر ما سلف بقوله:
(سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ. وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) أي سيوفقهم الله للعمل بما يرضيه ويحبه، ويصونهم مما يورث الضلال، ويصلح شأنهم فى العقبى، ويتقبل أعمالهم، ويجعل لكل منهم مقرّا فى الجنة لا يضل فى طلبه.
لا جرم أن لكل امرئ فى الحياة عملا يستوجب حالا فى الآخرة لا يتعداها، كما يحصل كل من نال إجازة فى علم أو صناعة على عمل يشاكل إجازته فى قوانين الدولة.