للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناس فى الآخرة أشبه بأنواع السمك فى البحر الملح وأنواع الطير فى جوّ السماء لكل منها جوّ لاتتعداه، هكذا لكل من الصالحين درجة فى الآخرة لا يتعداها، بل يجد نفسه مقهورا على البقاء فيها كما أن السمك منه ما هو قريب من سطح الماء، ومنه ما يوجد تحت سطح الماء بمئات الأمتار وآلافها، وإلى ذلك يشير قوله تعالى «وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا» .

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: يهدى أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم منها، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، لا يستدلون عليها.

وفى الخبر: «لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا» .

ثم وعدهم سبحانه بنصرهم على أعدائهم إذا نصروا دينه بقوله:

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) أي إن تنصروا دين الله ينصركم على عدوكم، ويثبت أقدامكم فى القيام بحقوق الإسلام ومجاهدة الكفار، لتكون كلمة الله هى العليا، وكلمة المشركين هى السفلى:

وبعد أن ذكر جزاء المجاهدين أعقبه بجزاء الكافرين فقال:

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي والذين كفروا بالله وجحدوا توحيده فخزيا لهم وشقاء، وأبطل الله أعمالهم وجعلها على غير هدى واستقامة، لأنها عملت للشيطان، لا طاعة للرحمن.

ثم بين سبب ذلك الإضلال فقال:

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) أي ذلك الذي فعلنا بهم من التعس وإضلال الأعمال، من أجل أنهم كرهوا كتابنا الذي أنزلناه على نبينا محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>