ورفع الحق ووضع الباطل كما نصر يوم بدر أولياءه المؤمنين على قلة عددهم وعددهم، وكثرة المشركين وكثرة عددهم.
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) أي إن الله كفّ أيدى المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية يلتمسون غرّتهم ليصيبوا منهم، فبعث رسول الله سريّة، فأتى بهم أسرى، ثم خلى سبيلهم ولم يقتلهم منة منه وفضلا.
روى أحمد وابن أبى شيبة وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والنسائي فى آخرين عن أنس قال: «لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة فى السلاح من جبل التنعيم (التنعيم: موضع بين مكة وسرف) فدعا عليهم فأخذوا فعفا عنهم فنزلت هذه الآية: «وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ» إلخ.
وروى أحمد عن عبد الله بن مغفل المزني رضى الله عنهما قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فى أصل الشجرة التي قال الله فى القرآن، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان على بن أبى طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلىّ رضى الله عنه- اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فأخذ سهيل بيده وقال: ما نعرف الرحمن الرحيم، اكتب فى قضيتنا ما نعرف. قال اكتب باسمك اللهم- وكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة، فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال: لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب فى قضيتنا ما نعرف، فقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابّا عليهم السلاح فثاروا فى وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذ الله بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم. هل جئتم فى عهد أحد؟ وهل جعل لكم أحد أمانا؟