(٢) إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم بقوله: (هذا نذير)(٣) إثبات الحشر والبعث بقوله: (أزفت الآزفة) .
ثم أنكر على المشركين تعجبهم من القرآن واستهزاءهم به وإعراضهم عنه فقال:
(أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ. وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ. وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) أي أفينبغي لكم بعد ذلك أن تعجبوا من هذا القرآن وقد جاءكم بما فيه هدايتكم إلى سواء السبيل، وإرشادكم إلى الطريق المستقيم، وكيف تسخرون منه وتستهزئون به، ولا تكونوا كالموقنين الذين وصفهم الله بقوله:«وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً» وكيف تلهون عن استماع عبره، وتغفلون عن مواعظه، وتتلقونها تلقى اللاهي الساهي المعرض عما يسمع، غير المكترث بما يلقى إليه.
أخرج البيهقي فى شعب الإيمان عن أبى هريرة قال: لما نزلت «أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ» الآية بكى أصحاب الصّفّة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حنينهم بكى معهم، فبكينا ببكائه، فقال عليه الصلاة والسلام:«لا يلج النار من بكى من خشية الله تعالى، ولا يدخل الجنة مصرّ على معصية، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم»
ثم بيّن ما يجب عند سماع القرآن من الإجلال والتعظيم فقال:
(فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) أي فاخضعوا وأخلصوا له العمل حنفاء غير مشركين به، فهو الذي أنزله على عبده ورسوله هاديا وبشيرا لكم لعلكم ترحمون، ودعوا ما أنتم فيه من عبادة الأوثان والأصنام التي لا تغنى عنكم شيئا، فلا تدفع عنكم ضرّا، ولا تجديكم نفعا كما قال آمرا رسوله أن يقول لهم:«قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ؟» .