(وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) أي وإن رجعتم عن الربا خضوعا لأوامر الدين، فلكم رءوس الأموال لا تأخذون عليها شيئا من الغرماء، ولا تنقصون منها شيئا، بل تأخذونها كاملة.
روى ابن جرير أن هاتين الآيتين نزلتا في العباس بن عبد المطلب، ورجل من بنى المغيرة كانا شريكين في الجاهلية، سلفا في الربا إلى أناس من ثقيف من بنى عمرو وهم بنو عمرو بن عمير، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) .
وأخرج عن ابن جريج قال: كانت ثقيف قد صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أن مالهم من ربا على الناس وما لهم من ربا عليهم فهو موضوع، فلما كان فتح مكة استعمل عتاب بن أسيد عليها، وكان بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من المغيرة، وكان بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كبير فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبي بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام، ورفعوا ذلك إلى عتّاب بن أسيد، فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال:«إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب»
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) أي وإن وجد مدين معسر ممن لكم عليهم دين فأنظروه وأمهلوه إلى حين اليسار حتى يتمكن من أداء الدين.
روى أن بنى المغيرة قالوا لبنى عمرو بن عمير في القصة السالفة: نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة فأبوا فنزلت الآية في قصتهم كالآيتين قبلها.
(وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أصل نصدقوا تتصدقوا أي وتصدقكم على المعسرين من المدينين بإبرائهم من الدين كلّا أو بعضا، خير لكم من إنظارهم وأكثر ثوابا عند الله منه.
وفي هذا حث على الصدقة، والسماح للمدين المعسر، لما فيه من التعاطف