والتراحم وبر الناس بعضهم ببعض، وذلك مما يوجد حسن الصلة بين الأفراد ويتم ارتباط الأمة وتضامن بنيها في المصالح العامة، كما يرشد إلى ذلك
الحديث:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» .
(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إن كنتم تعلمون أنه خير لكم فاعملوا وفق ما تعلمون، وسامحوا إخوانكم، وأشعروا قلوبهم الشفقة والحدب عليهم.
وفي الآية دليل على وجوب إنظار المعسر إلى حين اليسار، وأفضل منه الإبراء والتصدق عليه بقيمة الدين.
ثم ختم سبحانه آيات الربا بتلك العظة البالغة التي إذا وعاها المؤمن هوّنت عليه السماح بالمال والنفس وكل ما يملك مما طلعت عليه الشمس فقال:
(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) أي واحذروا ذلك اليوم العظيم الذي تتفرغون فيه من شواغلكم الجسدية الدنيوية التي كانت تصرفكم عن ربكم في هذه الحياة، إذ كنتم ترون أن لكم حاجات وضرورات يجب عليكم أن تستعدوا لها بتكثير المال وجمعه.
والخلاصة- إنكم إذا تذكرتم ذلك اليوم وفكرتم فيما أعدّ الله لعباده من الجزاء على قدر أعمالهم، خفف ذلك من غلوائكم واطمأنت نفوسكم إلى ملاقاة ربكم، فتجدون بردا وسلاما لطيب هذه المعاملة.
(ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي ثم يجازى كل امرئ بما عمل من خير أو شر.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي لا ينقصون من ثوابهم ولا يزدادون على عقابهم.
عن ابن عباس أن هذه الآية آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام وقال: ضعها فى رأس المائتين والثمانين من البقرة،
وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحدا وعشرين يوما، وقيل أحدا وثمانين يوما.