أن يحمل علينا الإصر، فيجب علينا أن نشكره لذلك، فنحن ندعوه استشعارا للنعمة والشكر عليها.
(رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) من العقوبات أو من البلايا والمحن، ولا ما يشق علينا من الأحكام، بل حملنا اليسير الذي يسهل علينا حمله والنهوض به، حتى لا نستحق بمقتضى سنتك أن تحملنا ما لا طاقة لنا به من عقوبة المفرّطين في دينهم.
(وَاعْفُ عَنَّا) أي امح آثار ذنوبنا فلا تعاقبنا عليها.
(وَارْحَمْنا) بتوفيقك إيانا للسير على سنتك التي جعلتها وسيلة لسعادة الدارين.
وهذه الجمل الثلاث نتائج لما قبلها من الجمل التي افتتحت بلفظ (رَبَّنا) فاعف عنا مقابل لقوله (لا تُؤاخِذْنا) واغفر لنا مقابل لقوله (وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) وارحمنا مقابل لقوله (وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) لأن من آثار عدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ العفو، ومن آثار عدم حمل الإصر عليهم المغفرة، ومن آثار عدم تحميل ما لا يطاق الرحمة.
(أَنْتَ مَوْلانا) أي أنت مالكنا ومتولى أمورنا، فأنت الذي منحتنا الهداية، وأيدتنا بالتوفيق والعناية.
(فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) بإقامة الحجة عليهم والغلبة حين قتالهم، والأول أشد أثرا وأقوى فعلا، فإنه نصر على الروح والعقل، أما النصر بالسيف فهو نصر على الجسد فحسب.
وما علمنا الله هذا الدعاء لتلوكه ألسنتنا وتتحرك به شفاهنا فحسب، بل لندعوه مخلصين له لاجئين إليه بعد استعمال ما يصل إليه كسبنا من الأسباب والوسائل التي هى طريق الاستجابة، فمن فعل ذلك فإن الله يستجيب دعاءه، ومن لم يعرف من الدعاء إلا حركة اللسان، مع مخالفة أحكام الشريعة، وتجافى السنن التي سنها الله، فهو بدعائه كالساخر من ربه، فهو لا يستحق منه إلا المقت والخذلان.