عنه فرجع إليه كأبى بكر وعلى وطلحة وأبى دجانة الذي جعل نفسه ترسا دونه، فكان يقع عليه النّبل وهو لا يتحرك.
والخلاصة- إنّ قتل محمد صلى الله عليه وسلم لا يوجب ضعفا فى دينه لأمرين:
(ا) إن محمدا بشر كسائر الأنبياء، وهؤلاء قد ماتوا أو قتلوا.
(ب) إن الحاجة إلى الرسول هى تبليغ الدين فإذا تم له ذلك فقد حصل الغرض ولا يلزم من قتله فساد دينه.
وفى الآية هداية وإرشاد إلى أنه لا ينبغى أن يكون استمرار الحرب أو عدم استمرارها ذا صلة بوجود القائد بحيث إذا قتل انهزم الجيش، أو استسلم للأعداء، بل يجب أن تكون المصالح العامة جارية على نظام ثابت لا يزلزله فقد الرؤساء وعلى هذا تجرى الحكومات والحروب فى عصرنا الحاضر.
ومن توابع هذا النظام أن تعدّ الأمة لكل أمر عدّته، فتوجد لكل عمل رجالا كثيرين، حتى إذا فقدت معلما أو مرشدا أو قائدا أو حكيما أو رئيسا أو زعيما وجدت الكثير ممن يقوم مقامه، ويؤدى لها من الخدمة ما كان يؤديه وحينئذ يتنافس أفرادها، ويحفزون عزائمهم للوصول إلى ما يمكن أن يصل إليه كسب البشر، وينال كلّ منه بقدر استعداده وسعيه وتوفيق الله له.
(وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً) أي ومن يرجع عن جهاده ومكافحته الأعداء فلن يضر الله شيئا بما فعل، بل يضر نفسه بتعريضها للسخط والعذاب، وحرمانها من الثواب، فالله قد وعد بنصر من ينصره ويعزّ دينه، ويجعل كلمته هى العليا، وهو لا محالة منجز وعده.
ولا يحول دون ذلك ارتداد بعض الضعفاء والمنافقين على أعقابهم، فهو سيثبّت المؤمنين ويمحّصهم حتى يكونوا كالتبر الخالص، فيقيموا دينه، وينشروا دعوته، ويرفعوا شأنه، وتنشر على الخافقين رايته، وهو الذي بيده الخلق والأمر وهو القادر على كل شىء.