(٢) عذاب يكون سخطا سماويا كالزلزال والخسف والطوفان وغير ذلك من الجوائح المدمّرة التي نزلت ببعض أقوام الأنبياء الذين كفروا بربهم وكذبوهم وآذوهم عند اشتداد عتوّهم وإيذائهم لرسلهم.
روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن شىء فى التوراة فكتموا الحق وأخبروه بخلافه وأروه أنهم قد صدقوا واستحمدوا إليه وفرحوا بما فعلوا، فأطلع الله رسوله على ذلك وسلاه بما أنزل من وعيدهم.
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي عذاب عظيم فى الآخرة كفاء فساد أخلاقهم وسوء طويتهم وحبهم للحمد الكاذب، وقوله بما أوتوا أي بما فعلوا.
قال صاحب الكشاف: أتى وجاء يستعملان بمعنى فعل قال تعالى: «إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا» وقال: «لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا» وقوله: فلا تحسبنهم تأكيد لقوله:
لا تحسبن الذين، وقد عهد هذا فى الأساليب العربية من إعادة الفعل إذا طال الفصل بينه وبين معموله. قال الزجاج: العرب إذا أطالت القصة تعيد حسبت وما أشبهها إعلاما بأن الذي جرى متصل بالأول فتقول لا تظنن زيدا إذا جاءك وكلمك بكذا وكذا، فلا تظننه صادقا، فيفيد لا تظنن توكيدا وتوضيحا، والفاء زائدة كما فى قوله:
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي لا تحزنوا أيها المؤمنون ولا تضعفوا، وبينوا الحق ولا تكتموا منه شيئا، ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، ولا تفرحوا بما عملتم، فإن الله يكفيكم ما أهمكم ويغنيكم عن هذه المنكرات التي نهيتم عنها فإن لله ملك السموات والأرض يعطى من يشاء، وهو على كل شىء قدير، لا يعز عليه نصركم على من يؤذونكم بأيديهم وألسنتهم من أهل الكتاب والمشركين.