حرارة الشمس وبرد الليل، وفى الحيوان والنبات وغير ذلك- لآيات ودلائل على وحدانية الله وكمال علمه وقدرته.
عن عائشة رضى الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل لك يا عائشة أن تأذنى لى الليلة فى عبادة ربى؟ فقلت: يا رسول الله إنى لأحب قربك وأحب هواك (ما تهوى وتريد) قد أذنت لك، فقام إلى قربة من ماء فى البيت فتوضأ ولم يكثر من صب الماء ثم قام يصلى فقرأ من القرآن وجعل يبكى حتى بلغت الدموع حقويه ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه وجعل يبكى ثم رفع يديه فجعل يبكى حتى رأيت دموعه قد بلت الأرض، فأتاه بلال يؤذنه بصلاة الغداة فرآه يبكى فقال له: يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا بلال أفلا أكون عبدا شكورا؟
ثم قال ومالى لا أبكى وقد أنزل الله علىّ فى هذه الليلة: إن فى خلق السموات والأرض إلخ ثم قال ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها» وروى «ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأملها» .
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) أي أولو الألباب هم الذين ينظرون ويستفيدون ويهتدون ويستحضرون عظمة الله ويتذاكرون حكمته وفضله وجليل نعمه فى جميع أحوالهم من قيام وقعود واضطجاع.
والخلاصة- إنهم هم الذين لا يغفلون عنه تعالى فى عامة أوقاتهم باطمئنان قلوبهم بذكره، واستغراق سرائرهم بمراقبته.
وذكر الله وحده لا يكفى فى الاهتداء، بل لا بد معه من التفكر فى بديع صنعه وأسرار خليقته، ومن ثم قال:
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ويتفكرون فى خلق السموات والأرض، وما فيهما من الأسرار والمنافع الدالة على العلم الكامل، والحكمة البالغة، والقدرة التامة.
والخلاصة- إن الفوز والنجاة إنما يكون بتذكر عظمة الله والتفكر فى مخلوقاته