(فَقِنا عَذابَ النَّارِ) أي فوفقنا بعنايتك لصالح العمل بما فهمنا من الدلائل حتى يكون ذلك وقاية لنا من عذاب النار.
(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) أي إنهم بعد أن يدعوا ربهم أن يقيهم دخول النار يتوجهون إليه قائلين هذا القول، دلالة على عظم هذا العقاب وشدته وهو الخزي والفضيحة، ليكون موقع السؤال أعظم، لأن من طلب من ربه شيئا وشرح عظم المطلوب وقوّته، كانت الداعية إلى الدعاء أكمل والإخلاص فى الطلب أشد.
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) الظالم هو الذي يتنكب الطريق المستقيم، وقد وصف من يدخل النار بالظلم للدلالة على أن سبب دخوله إياها هو جوره وظلمه، وللتشنيع عليه بهذا العمل القبيح.
أي إن هؤلاء المتفكرين الذاكرين ينظرون إلى هيبة ذلك الرب العلىّ الذي خلق تلك الأكوان المملوءة بالأسرار والحكم، فيعلمون أنه لا يمكن أحدا أن ينتصر عليه، وأن من عاداه فلا ملجأ له إلا إليه.
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) المنادى هو الرسول، وذكره بوصف المنادى تعظيما لشأن هذا النداء، أي إنهم بعد أن عرفوا الله تعالى حق معرفته بالذكر والفكر عبروا عن وصول دعوة الرسول إليهم واستجابتهم دعوته سراعا بدون تلبّث بهذا القول، لأنه دعاهم إلى ما اهتدوا إليه من قبل وزادهم معرفة وبصيرة فى عالم الغيب والحياة الآخرة.
وفى تقدمة الدعاء بالنداء إشارة إلى كمال توجههم إلى مولاهم وعدم غفلتهم عنه مع إظهار كمال الضراعة والابتهال إلى من عوّدهم الإحسان والإفضال.
(رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) الغفران: الستر والتغطية يقال: رجل مكفّر بالسلاح أي مغطى به، قال لبيد:«فى ليلة كفر النجوم ظلامها» .
أي إنهم طلبوا من الله تعالى فى هذا الدعاء ثلاثة أشياء: غفران الذنوب المتقدمة، وتكفير السيئات المستقبلة، وأن تكون وفاتهم مع الأبرار بأن يموتوا على مثل أعمالهم