إلى اليوم. وثانيهما أخذ كلمة أو طائفة من الكلم من موضع من الكتاب ووضعها فى موضع آخر، وقد حصل هذا فى كتب اليهود، خلطوا ما يؤثر عن موسى بما كتب بعده بزمن طويل، وكذلك ما وقع فى كلام غيره من أنبيائهم. اعترف بهذا بعض العلماء من أهل الكتاب، وقد كانوا يقصدون بهذا التحريف الإصلاح فى زعمهم، وسبب هذا النوع من التحريف أنه وجدت عندهم قراطيس متفرقة من التوراة بعد فقد النسخة التي كتبها موسى عليه السلام وأرادوا أن يؤلفوا بينها فجاء فيها ذلك الخلط بالزيادة والتكرار، كما أثبت ذلك بعض الباحثين من المسلمين كالشيخ رحمة الله الهندي فى كتابه [إظهار الحق] وأورد له من الشواهد ما لا يحصى.
(وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا) أي ويقول هؤلاء اليهود للنبى صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك وعصينا أمرك، وقد روى عن مجاهد أنهم قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم، سمعنا قولك ولكن لا نطيعك، وكذلك كانوا يقولون له (اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) يدعون عليه، على معنى لا أسمعك الله، فى الموضع الذي يقول فيه المتأدبون للمخاطبين «لا سمعت أذى أو لا سمعت مكروها» .
وكذلك كانوا يقولون له: راعنا، وقد روى أن اليهود كانوا يتسابون بكلمة (راعينا) العبرانية فسمعوا بعض المؤمنين يقولون للنبى صلى الله عليه وسلم: راعنا من المراعاة فافترصوها، وصاروا يلوون ألسنتهم بالكلمة ويصرفونها إلى المعنى الآخر.
(لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ) أي هم يلوون ألسنتهم فيجعلونها فى الظاهر راعنا وبلىّ اللسان وإمالته (راعينا) قصدا منهم للسّباب والشتم والسخرية، أو جعله راعيا من رعاة الغنم أو من الرعونة، ومن تحريف اللسان وليّه خطابهم للنبى صلى الله عليه وسلم وتحيته بقولهم (السام- الموت- عليكم) يوهمون بفتل اللسان وجمجته أنهم يقولون له (السلام عليكم) وقد ثبت هذا فى صحيح الأحاديث، كما
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن علم عنهم ذلك كان يحيهم بقوله (وعليكم)
أي كل أحد يموت.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ) أي ولو أنهم