المشرق، لاسيما اذا كان من وسط مالكي … ولما وصل الحسين بن حاتم الأزدي تلميذ الباقلاني الى القيروان، وجد أهل القيروان على اطلاع ومعرفة بعقيدة الأشعري، فقد سافر أبو الحسن القابسي الى المشرق وعاش به خمس سنوات بعد موت الأشعري بثلاثين سنة، ولما كان الحامل للعقيدة الأشعرية أحد كبار مالكية القيروان، أعني القابسي وكان كبير معلميها الباقلاني، انتشرت الأشعرية بكامل المغرب والاندلس وصقلية، على أيدي القابسي والبغدادي وأبي ميمونة دراس بن إسماعيل الفاسي، وبالاندلس على يد العالم المشهور الأصيلي، واشتهر بعض علماء المغرب بها في المشرق، من ذلك ما رواه السبكي في طبقاته (ج ٥ - ٢٤٥) أن أبا عبيد الله محمد بن أبي بكر عتيق السوسي الأصل القيرواني المولد سافر الى بغداد وكان علامة زمانه في فن الكلام، واسندت له وظيفة التدريس بنظامية بغداد، وهناك لمع نجمه ونال احترام علماء مدينة الرشيد حيث أدى رسالته كأشعري، ودفن بجانب أبي الحسن الأشعري. (ياقوت، بلدان. قيروان - وابن تغري بردي، نجوم، ط القاهرة ج ٥، ص ٢١٧) … هكذا كانت المالكية جزءاً لا يتجزأ من شخصية الفرد المغربي في كامل عصوره، وكان كذلك أشعرياً (إذ لا تجد مالكياً غير أشعري) وكان خلاصة هذه التجربة الطويلة أن أنشئت دولة المرابطين العريقة في مالكيتها؛ إلا أن التطرق في مذهبيتها جعل حركتها ثقيلة بعض الشيء، الأمر الذي سبب رد فعل عند أحد مجددي العصر، إلى القيام بحركة تجديدية سرت الى أعماق نفوس كثيرة، وبنيت على أسسها دولة الموحدين التي لم تكن مالكية ولم تناصب العداء جهاراً لأتباع مذهب مالك، بل كانت حركة تجديدية عملت في تكوينها عناصر سنية متعددة، ففيها من التصوف وفيها من الأشعرية مع ميل الى الشافعية والظاهرية، وكان الموطأ عمدة فقهائها، وان كانوا لا يميلون الى اتباعه. في هذه التجربة التي عاشها المذهب المالكي في نفوس أتباعه نلاحظ أن من تصوف من المالكية أو من تفلسف فانه لا يشذ عن قاعدة السنية