إجماع قطعي في حكم كلي، ومنها ما يكون خلافا لدليل ظني، والأدلة الظنية متفاوتة، كأخبار الآحاد والقياس الجزئية. فأما المخالف للقطعي فلا إشكال في اطراحه، ولكن العلماء ربما ذكروه للتنبيه عليه وعلى ما فيه، لا للإعتداد به. وأما المخالف للظني ففيه الاجتهاد، بناء على التوازن بينه وبين ما اعتمده صاحبه من القياس أو غيره.
فإن قيل: فهل لغير المجتهد من المتفقهين في ذلك ضابط يعتمده أم لا؟ فالجواب أن له ضابطا تقريبيا، وهو أن ما كان معدودا في الأقوال غلطا وزللا قليل جدا في الشريعة، وغالب الأمر أن أصحابها منفردون بها، قلما يساعدهم عليها مجتهد آخر، فإذا انفرد صاحب قول من عامة الأمة فليكن اعتقادك أن الحق مع السواد الأعظم من المجتهدين. لا من المقلدين.
"فصل"
وقد عد ابن السيد هذا المكان من أسباب الخلاف، حين عد جهة الرواية وأن لها ثماني علل: فساد الإسناد، ونقل الحديث على المعنى، أو من المصحف، والجهل بالإعراب والتصحيف، وإسقاط جزء الحديث، أو سببه، وسماع بعض الحديث وفوت بعضه، وهذه الأشياء ترجع إلى معنى ما تقدم إذا صح أنها في المواضع المختلف فيها علل حقيقة، فإنه قد يقع الخلاف بسبب الاجتهاد في كونها موجودة في محل الخلاف (١). وإذا كان على هذا الوجه فالخلاف معتد به بخلاف الوجه الأول. هذا هو القسم الأول وحاله.
"المسألة التاسعة"
في القسم الثاني وهو الخطأ الثابت أنه "عارض" ووارد "لقسم" يعني في الاجتهاد "غير المعتبر" غير المعتد به وهو الاجتهاد الذي أساسه "الاعتقاد" الحاصل من صاحب ذلك الرأي أو غيره عن جهل أو عن هوى "أنه" مجتهد وأنه من "أهل النظر" الفقهي المعتبر، وأن قوله معتد به. وهو في واقع الأمر ليس كذلك ولا دانيا منه.