"و" اعلم بأن الخطاب الشرعي لا يختلف ولا يتبدل بل هو أزلي دائم، وبذلك فإنه "ليس في أصل الخطاب" الشرعي "ما ذكر من اختلاف حكم ما قد اعتبر" من هذه العوائد فليس معنى جريان الحكم الشرعي على وفق هذه العوائد أنها هي التي أوجبت هذا الحكم وجلبته بذاتها "وإنما معناه" هو "أن العادة إن فارقت حالتها" الأولى "المعتادة" الواقعة تحت حكم شرعي معين "كان رجوعها لأصل" شرعي آخر ناسب حالها جريان حكمه عليها فصار "يقضي عليها بـ" ما دل عليه من "قضاء الشرع" وحكمه. كما في البلوغ مثلا فإن الخطاب التكليفي مرتفع عن الصبي قبل البلوغ، فإذا بلغ وقع عليه التكليف فسقوط التكليف قبل البلوغ ثم ثبوته بعده ليس باختلاف في الخطاب وإنما وقع الاختلاف في العوائد أو القرائن - الشواهد - وكذلك الحكم بعد الدخول بأن القول قول الزوج في دفع الصداق بناء على العادة وأن القول قول الزوجة بعد الدخول أيضا بناء على نسخ تلك العادة ليس باختلاف في الحكم، بل الحكم أن الذي ترجح جانبه بمعهود أو أصل فالقول قوله بإطلاق، لأنه مدعى عليه، وهكذا سائر الأمثلة فالأحكام ثابتة تتبع أسبابها حيث كانت بإطلاق والله أعلم (١).
خلاصة القول: أن الأحكام الشرعية ثابتة قديمة أزلية.
وأفعال المكلفين تقع تحتها، فتجري تحتها مقتضياتها، وتقع تحتها بحسب أحوالها وصفاتها فأي صفة جرت عليها تلك الأفعال فإنها تجري الأحكام الشرعية المناسبة لها عليها.