للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الرابعة"

١٣٢٨ - وَفِعْلٌ أَوْ تَرْكٌ مَعَ الْوِفَاقِ … لِلشَّرْعِ قَصْدًا صَحَّ بِاتِّفَاقِ

عن ذلك فقال: "والجواب أن مسائل الإكراه إنما قيل بانعقادها شرعا بناء على أنها مقصودة للشارع، بأدلة قررها الحنفية. ولا يصح أن يقر أحد بكون العمل غير مقصود للشارع على ذلك الوجه ثم يصححه، لأن تصحيحه إنما هو بالدليل الشرعي، والأدلة الشرعية أقرب إلى تفهيم مقصود الشارع من كل شيء، فكيف يقال إن العمل صحيح شرعا مع أنه غير مشروع؛ هل هذا إلا عين المحال؟ وكذلك القول في الحيل عند من قال بها مطلقا، فإنما قال بها بناء على أن للشارع قصد في استجلاب المصالح ودرء المفاسد، بل الشريعة لهذا وضعت، فإذا صحح مثلا نكاح المحلل فإنما صححه على فرض أنه غلب عليه ظنه من قصد الشارع الإذن في استجلاب مصلحة الزوجين فيه، وكذلك سائر المسائل، بدليل صحته في النطق بكلمة الكفر خوف القتل أو التعذيب، في سائر المصالح العامة والخاصة، إذ لا يمكن إقامة دليل في الشريعة على إبطال كل حيلة. كما أنه لا يقوم دليل على تصحيح كل حيلة. فإنما يبطل منها ما كان مضادا لقصد الشارع خاصة، وهو الذي يتفق عليه جميع أهل الإسلام ويقع الاختلاف في المسائل التي تتعارض فيها الأدلة (١).

"المسألة الرابعة"

في بيان أن فاعل الفعل أو تاركه إما أن يكون فعله أو تركه موافقا أو مخالفا، وعلى كلا التقديرين، إما أن يكون قصده موافقة الشارع أو مخالفته، فالجميع أربعة أقسام.

" أولها أن يكون "فعل" ما "أو ترك" ما موقعا "مع" حصول "الوفاق" أي الموافقة فيه "للشرع" وكان حصول ذلك "قصدا" أي مقصودا من المكلف إليه، وذلك كالعبادات مما يقصد المكلف به امتثال أمر الله - تعالى - وأداء ما وجب عليه، أو ندب إليه، وكذلك ترك الزنى والخمر وسائر المنكرات - يقصد بذلك الامتثال - فهذا عمل "صح" شرعا "باتفاق" بين أهل العلم.


(١) الموافقات ٢/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>