وبذلك "فحاصل" القول هو "أن كتاب الله" تعالى هو الذي إليه يستند كل ما يعتبر دليلا شرعيا، إذ هو "أصل الأصول" و"غاية" ما إليه "التناهي" في كل شأن شرعي أصلا كان أو فرعا، ومنتهى أنظار النظار ومدارك أهل الاجتهاد، وليس وراءه مرمى، لأنَّهُ كلام الله القديم وقد قال - تعالى -: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)} [النجم: ٤٢] وقد قال - تعالى -: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ٨٩] وقال - سبحانه -: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨].
وفي المسألة الثانية من الدليل الثاني - السنة - سيأتي مزيد بيان لمسألة رجوع جميع ما في السنة إلى الكتاب.
"المسألة السادسة"
في بيان بنية الدليل الشرعى، وبيان ذلك هو أنه قد تقرر أن "كل دليل" شرعي لا يمكن أن يفيد الحكم ويبين الموضع الذي يصح تنزيله عليه معينا وحده، وبذلك "فله"(١) أي لهذا الدليل من حيث بنيته مقدمتان: أحدهما "مقدمة تأتي" وتجيء وهي "بتحقيق المناط" - بفتح الميم - وهو ما تعلق به الحكم من وصف، أو ذات "معلمه" أي مخبرة لدلالتها عليه "ثم له" مقدمة "أخرى" هي "لنفس الحكم" الشرعي "مرجعها" فمتضمنها هو ذلك الحكم، وهذا يجري "في كل حكم حكم" بلا فرق ولا تفصيل،
(١) الظاهر أن اللام في هذا اللفظ وهو: (له) للاختصاص بمعنى التعلق والارتباط، ويمكن أن تكون للنسب المجازي وهذا هو ما يقال في (له) الذي يأتي بعد.