للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩٤ - وَغَيْرُهُ يَجْرِي كهَذَا الْمَجْرَا … مِثْلُ أَتِمُّوا الحَجَّ رَبَّ الشِّعْرَا

" المسألة الثالثة"

" و" كذا "غيره" مما ورد وهو لا يفهم كل الجهات المذكورة، فإنه - كذلك - "يجرى كهذا المجرى" وهو اتباع العرب في فهمه، وذلك "مثل" قوله - تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٦] فإنه أمر بالإتمام دون الأمر بأصل الحج، لأنهم كانوا قبل الإسلام آخذين به، لكن على تغيير بعض الشعائر، ونقص جملة منها، كالوقوف بعرفة، وأشباه ذلك مما غيروا فجاء الإسلام بالإتمام لذلك، وإنما جاء إيجاب الحج نصا في قوله - تعالى -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] وإذا عرف هذا تبين هل في الآية دليل على إيجاب الحج والعمرة أم لا؟ ومنه - أيضا - قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (٤٩)} [النجم: ٤٩] فعين هذا الكوكب لكون العرب عبدته، وهم خزاعة، ابتداع لهم ذلك أبو كبشة ولم تعبد العرب من الكوكب غيرها، فلذلك عينت، "وقد يشارك القرآن في هذا المعنى السنة، إذ كثير من الأحاديث وقعت على أسباب، ولا يحصل فهمها إلا بمعرفة ذلك. ومنه أنه نهى عليه الصلاة والسلام عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فلما كان بعد ذلك قيل لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم، ويحملون منها الودك، ويتخذون منها الأسقية، فقال: وما ذاك، قالوا نهيت عن لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم، فكلوا وتصدقوا وادخروا" ومنه حديث التهديد بإحراق البيوت لمن تخلف عن صلاة الجماعة، فإن حديث ابن مسعود يبين أنه بأهل النفاق، بقوله: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (١). "وحديث الأعمال بالنيات واقع عن سبب، وهو أنهم لما أمروا بالهجرة هاجر ناس للأمر، وكان فيهم رجل هاجر بسبب امرأة أراد نكاحها تسمى أم قيس، ولم يقصد مجرد الهجرة للأمر، فكان بعد ذلك يسمى: مهاجر أم قيس، وهو كثير" (٢).

"المسألة الثالثة"

في إن ما حكى القرآن ولم يرد رده فيه يعد مقبولا وصحيحا شرعا. وما رده بعد ما حكاه فإنه باطل قطعا.


(١) الموافقات ٣/ ٢٦٢.
(٢) الموافقات ٣/ ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>