[فصل: في بيان حكم مسألة هبة المكلف ثواب الأعمال وجزاءها لغيره]
" وهبة الثواب" وثمرات الأعمال الصالحة للغير "في ذا" الوجه الذي تقدم ذكره "تدخل" فتحمل على أنها من باب التصدق بما صح اكتسابه، وهو المتمولات، وأما ثواب الأعمال فإنه لا يكتسب للمكلف، "إذ رده" من الدخول تحت "كسبنا" وحق التصرف فيه "التفضل" من رب العالمين به على خلقه. فالجزاء ليس للعامل فيه نظر، ولا اختيار، ولا في يده منه شيء لأنه مجرد تفضل من الله - تعالى - على العامل. فإذا لا يصح فيه تصرف، لأن التصرف من توابع الملك الاختياري، وليس في الجزاء ذلك فلا يصح للعامل تصرف فيما لا يملك، كما لا يصح لغيره. وبذلك يحمل جميع ما تقدم ذكره من المسائل - ومنها مسألة هبة الثواب هذه - على ما تصح فيه النيابة، وبهذا يؤول، إن كان يقبل ذلك. "وغير ما يقبل تأويلا" من ذلك فإنه "وقد عارض" أصلا "قطعيا" مقطوعا به يرد "فمثله" أي هذا الذي عارض أصلا قطعيا "يرد" فلا يقبل. وقد تقرر أن خبر الواحد لا يعمل به إلا إذا لم يعارضه أصل قطعي. وهو أصل مالك وأبي حنيفة.
"المسألة الثامنة"
في أن المراد "والقصد للشارع" الذي شرعه من "في الأعمال" هو "دوامها" يعني دوام المكلف عليها "وذا" القصد للشارع فيها ثابت "بالاستدلال" أي بورود الأدلة الشرعية به. قال الشاطبي: والدليل على ذلك واضح كقوله تعالى: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣)} [المعَارج: ٢٢ - ٢٣] وقوله: {يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}[المَائدة: ٥٥] وإقام الصلاة بمعنى الدوام عليها بهذا فسرت الإقامة حيث ذكرت مضافة إلى الصلاة وجاء هذا كله في معرض المدح وهو دليل على قصد الشارع إليه وجاء الأمر به صريحا