فيه تحت الإطلاق. وعن ابن مسعود أنه قال:"ليس عام إلا الذي بعده شر منه، لا أقول عام أمطر من عام، ولا عام أخصب من عام، ولا أمير خير من أمير، ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيهدم الإسلام ويثلم". ومعناه موجود في الصحيح في قوله: ولكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون. وقال عليه السلام:(إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء.) قيل: من الغرباء؟ قال:"النزاع من القبائل" وفي رواية قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال:"الذين يصلحون عند فساد الناس". وعن أبي إدريس الخولاني: إن للإسلام عرى يتعلق الناس بها، وإنها تمتلخ عروة عروة. وعن بعضهم: تذهب السنة سنة سنة، كما يذهب الحبل قوة قوة وتلا أبو هريرة قوله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} [النصر: ١] ثم قال: والذي نفسي بيده ليخرجن من دين الله أفواجا، كما دخلوا فيه أفواجا. وعن عبد الله قال: أتدرون كيف ينقص الإسلام؟ قالوا نعم، كما ينقص صبغ الثوب، وكما ينقص سمن الدابة. فقال عبد الله: ذلك منه. ولما نزل قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] بكى عمر، فقال عليه السلام:"ما يبكيك؟ " قال: يا رسول الله، إنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا كمل، فلم يكمل شيء قط إلا نقص. فقال عليه السلام:"صدقت". والأخبار هنا كثيرة، وهي تدل على نقص الدين والدنيا وأعظم ذلك العلم، فهو إذا في نقص بلا شك (١).
"المقدمة الثالثة عشرة"
في أن كل أصل علمي إنما يصح اتخاذه إماما على كل حال إذا كان الحكم والعمل به مطردا في الواقع ومجاري العادات، فإن تخلف عنه هذا الشرط فإنه لا يتخذ أصلا ولا قاعدة شرعية.
قال الناظم:"وأي أصل من أصول العلم قد يعد" في ظاهر أمره "في الفعل" أي العمل "إماما" ودليلا "يعتمد" عليه في ذلك الفعل - العمل - "فإنه" لأجل اتخاذه إما ما