للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الرابعة"

٢٠٢٨ - عَزَائِمُ الشَّرْعِ جَمِيعًا لَا يُخَصْ … مِنْهَا الْعُمُومُ حَيْثُ كَانَتْ بِالرُّخَصْ

الإشكال المحظور، وصارت العمومات حجة على كل قول. ولقد أدى إشكال هذا الموضع إلى شناعة أخرى، وهى أن عمومات القرآن ليس فيها ما هو معتد به في حقيقته من العموم، وإن قيل بأنه حجة بعد التخصيص؛ وفيه ما يقتضى إبطال الكليات القرآنية، وإسقاط الاستدلال به جملة، إلا بجهة من التساهل وتحسين الظن، لا على تحقيق النظر والقطع بالحكم. وفي هذا إذا تؤمل توهين الأدلة الشرعية، وتضعيف الاستناد إليها. وربما نقلوا في الحجة لهذا الموضع عن ابن عباس أنه قال: ليس في القرآن عام إلا مخصص، إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البَقَرَة: ٢٨٢] وجميع ذلك مخالف لكلام العرب، ومخالف لما كان عليه السلف الصالح من القطع بعموماته التي فهموها تحقيقا، بحسب قصد العرب في اللسان، وبحسب قصد الشارع في موارد الأحكام.

وأيضا فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بجوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصارا على وجه هو أبلغ ما يكون، وأقرب ما يمكن في التحصيل ورأس هذه الجوامع في التعبير العمومات، فإذا فرض أنها ليست بموجودة في القرآن جوامع، بل على وجه تفتقر فيه إلى مخصصات ومقيدات وأمور أخر، فقد خرجت تلك العمومات عن أن تكون جوامع مختصره وما نقل عن ابن عباس إن ثبت من طريق صحيح فيحتمل التأويل.

فالحق في صيغ العموم إذا وردت أنها على عمومها في الأصل الاستعمالي، بحيث يفهم محل عمومها العربي الفهم المطلع على مقاصد الشرع، فثبت أن هذا البحث ينبني عليه فقه كثير، وعلم جميل (١). وبالله التوفيق.

"المسألة الرابعة"

في أن العزائم لا تخصصها الرخص. وبيان ذلك أن "عزائم الشرع" كلها "جميعها لا يخص منها العموم" أي عمومها "حيث كانت" أي في أي باب فقهي وردت "بالرخص" متعلق بقوله: "لا تخص" لأن التخصيص هو قصر العام على بعض مسمياته، وهذا لا يجري حكمه على عمل الرخصة في مدلول العزيمة على التحقيق كما سيأتي بيانه.


(١) الموافقات ٣/ ٢١٥/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>