" وكل ما قرر" من أحكام في "هذا النوع" من الجهات التي ينظر فيها إلى الأحكام، وهو جهة الكلية والجزئية "دليله" هو "استقراؤه" وتتبعه "في" أدلة "الشرع" ونصوصه؛ فكل من تأملها واستقرأها سيدرك على قطع أن الجزء ليس كالكل في الحكم الشرعي بل بينهما فرق كما تقدم ذكره، كائنا من كان ذلك الحكم.
في الرد على من يدعى استواء الجزء والكل في الحكم قال الناظم:"قد يدعى اتفاق الأحكام" الشرعية في ذاتها، "وإن" كان بالأفعال الموجبة لها "اختلاف" من جهة الكلية والجزئية "يقترن" ويجتمع، أما في المباح فمثل كل قتل مؤذ بالنسبة إلى آحاد الناس خف الخطب؛ فلو فرضنا تمالؤ الناس كلهم على الترك، داخلهم الحرج من وجوه عدة. والشرع طالب لدفع الحرج قطعا. فصار الترك منهيا عنه نهي كراهة إن لم يكن أشد. فيكون الفعل إذا مندوبا بالكل إن لم نقل واجبًا. وهكذا العمل بالقراض وما ذكر معه. فلا استواء إذا بين الكلي والجزئي فيه وبحسبك في المسألة أن الناس لو تمالؤوا على الترك لكان ذريعة إلى هدم معلم شرعي. وناهيك به. نعم قد يسبق ذلك النظر إذا تقارب ما بين الكلي والجزئي أما إذا تباعد ما بينهما فالواقع ما تقدم. ومثل هذا النظر جار في المندوب. وأما ما ذكره في الواجب والمحرم فغير وارد" فإن اختلاف الأحكام في الحدود ظاهر وإن اتفقت في بعض منها. وما ذكره الغزالي فلا يسلم، بناء على هذه القاعدة، وإن سلم ففي العدالة وحدها لمعارض راجح وهو أنه لو قدح دوام ذلك فيها لندرت العدالة، فتعذرت الشهادة.
"المسألة الثالثة"
في أن المباح يطلق على معنيين: أحدهما: المخير في فعله وتركه. ثانيها: ما لا بأس فيه. قال الناظم: "وأطلق المباح للمخير" يعني على المخير "فيه" بين الفعل والترك وهذا هو المعنى الأول والثاني: إطلاقه على "ما لا بأس فيه"من الفعال، فهذا المعنى - أيضًا - "يعتري"