وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: إذا تركها مرارا لغير عذر لم تجز شهادته. قاله سحنون. وكذلك يقول الفقهاء فيمن ارتكب إثما ولم يكثر منه ذلك: إنه لا يقدح في شهادته إذا لم يكن كبيرة. فإن تمادى عليه وأكثر منه كان قادحا في شهادته، وصار في عداد من فعل كبيرة؛ بناء على أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة.
هذا كله عند من يرى أن الواجب مرادف للفرض.
"و" هذا كله عند "من يرى" أن "الواجب ليس" يرادف "الفرض" كالحنفي الذي يرى أن الفرض ما ثبت بالدليل القطعي والواجب ما ثبت بالدليل الظني، فالواجب عنده دون الفرض، فإنها يكون الواجب "بالكل" لا بالجزء "عنده فرضا" كمثل ما تقدم تقريره في المندوب "و" عند حصول "ذا" أي هذا الذي ذكر يقال أنه أي الواجب اختلف حكمه "بـ" حسب واعتبار "الكل" وحكمه بحسب واعتبار "الجزء" بناء وسيرا "على ما قد سلف" ذكره من أن المندوب بالجزء يكون واجبًا بالكل.
"وهكذا" أي ومثل هذا الذي قيل في الواجب - الفرض - بالجزء "يقال" أيضًا "في الممنوع" أي المحرم شرعا فالمحرم بالجزء يكون محرما بالكل إلا أن حكمه بحسب الجزء والكل، وهذا بين سواء "من جهة الجواز" العقلي الذي صورته هنا أن المداومة تأثيرها أكبر من تأثير عدم المداومة، لأن الذنب قد ينضاف إلى الذنب فيعظم بسبب الإضافة.
وكذلك من جهة "الوقوع" فإنه وردت نصوص شرعية فيها الفرق بين حكم الإصرار وحكم عدمه من ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)} [آل عمران: ١٣٥].
في أن هذا الذي تقرر هنا أساسه ودليله الذي بنى عليه هو الاستمرار. قال الناظم: