" أفيقال إنّ ذا" الفعل أو الحكم "ومثله" من كلّ ما كان عن خطإ هو "ممّا أباح" وأجاز "الشّرع إذنا" أي إباحة "فعله" وإتيانه؟
"كلّا" فالحكم الشّرعي الجاري على ذلك كلّه هو المنع والحظر، فإنّ المفاسد الّتي حُرِّمت لأجلها هذه الأشياءُ الّتي أتاها ذلك المكلّفُ واقعةٌ أو متوقعةٌ، فإنَّ شارب المسكر قد زال عقله وصدّه عن ذكر الله - تعالى - وعن الصّلاة، ومن الآية آكل مال اليتيم قد أخذ ماله الذي حصل له به الضرّر والفقر، وقاتلُ المسلم قد أزهق دم نفس من قتلها فكأنّما قتل النّاس جميعا، وواطئ الأجنبية قد تسبّب في اختلاط نسب المخلوق من مائه، فهل يسوغ في هذه الأشياء أن يقال: إنّ الله أذن فيها أو أمر بها؟ كلّا. وكذلك الحاكم فإنّه يصح إذا أخطأ فحكم بغير ما أنزل الله، فكيف يقال: إنّه مأمور بذلك، أو أشهد ذوي زور، فهل يصلح أن يقال: إنّه مأمور بقبولهم وبإشهادهم؟ هذا لا يسوغ بناء على مراعاة المصالح في الأحكام تفضلا كما اخترناه، أو لزوما كما يقوله المعتزلة "ولكن" الخطأ في ذلك كلّه جلب العذر لهؤلاء و"رفع" المؤاخذة و"التأثيما" عنهم "و" أمّا الحكم الشّرعي الذي هو "الأصل" فإنّه "باق" جريانه على تلك الجزئيّات وهو "يقتضي" بدلالته "التّعميما" لها ولكلّ ما ينطوي تحته من جزئيّات "و" بناء على هذا وعملا به يعمل بالاستدراك والتلافي لما كان عن خطإ من فعل أو حكم "حيث" يتأتّى و"يمكن التّلافي" لذلك واستدراكه، فإنّه أمر قد "شُرِعَا" يعني وجب شرعا، وهو إصلاح يكون "جبرا لما" حصل "به" أي فيه "الفساد" وهو خلاف الشّرع المذكور و"وقعا" - الألف للإطلاق - فيه من الأفعال والأحكام.
"المسألة السّادسة"
في بيان أنّ "ثبوت ما عمّ" أي العموم للدّليل وحصول الشّمول له - حتّى يتحقّق أنّه أمر كليّ عامّ "له نهجان" أي سبيلان يوصلان إليه. أوّلهما: ما كان "من جهة الصّيغة" الدّالة على العموم لغة ووضعا "و" ما كان من جهة "المعان" يعني العقول.