للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" فصل"

٢٧٠٤ - أَرْبَابُ الأحْوَالِ لَهُمْ مَجَالُ … لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ بِهِ اسْتِقْلَالُ

٢٧٠٥ - إِذْ أَخَذُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْعَادَةْ … بِأَكْمَلِ الحَالَاتِ وَالْعِبَادَةْ

فيه. فإن قيل: فإذا كانت غير لازمة فلم تقع الفتيا بها على مقتضى اللزوم؟ قيل: لم يفت بها مقتضى اللزوم الذي لا ينفك عنه السائل من حيث القضاء عليه بذلك وإنما يفتي بها وهو طالب أن يلزم نفسه ذلك حسبما استدعاه حاله وأصل الإلزام معمول به شرعا أصله النظر والوفاء بالعهد في التبرعات. ومن مكارم الأخلاق ما هو لازم كالمتعة في الطلاق، وحديث: (لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره). وكان عليه الصلاة والسلام يعامل أصحابه بتلك الطريقة ويميل بهم إليها كحديث الأشعريين إذا أرملوا وقوله: (من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له) الحديث بطوله وقوله: (من ذا الذي تألى على الله لا يفعل الخير) وإشارته إلى بعض أصحابه أن يحط عن غريمه الشطر من دينه. وقد أنزل الله في شأن أبي بكر الصديق حين ائتلى أن لا ينفق على مسطح {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢] الآية وبذلك عمل عمر بن الخطاب في حكمه على محمد بن مسلمة بإجراء الماء على أرضه وقال: والله ليمرن به ولو على بطنك إلى كثير من هذا الباب. وأخص من هذا فتيا أهل الورع إذا علمت درجة الورع في مراتبه فإنه يفتي بما تقتضيه مرتبته، كما يحكى عن أحمد بن حنبل أن امرأة سألته عن الغزل بضوء مشاعل السلطان فسألها من أنت فقالت أخت بشر الحافي فأجابها بترك الغزل بضوئها هذا معنى الحكاية دون لفظها وقد حكى مطرف عن مالك في هذا المعنى أنه قال كان مالك يستعمل في نفسه ما لا يفتي به الناس يعني العوام ويقول لا يكون العالم عالما حتى يكون كذلك وحتى يحتاط لنفسه بما لو تركه لم يكن عليه فيه إثم هذا كلامه. وفي هذا من كلام الناس والحكايات عنهم كثير والله أعلم (١).

فصل: في أن "أرباب الأحوال" من الصوفية "لهم مجال" انفردوا به في شأن العبادة فـ "ليس لغيرهم" من عامة الناس طاقة "به" و"استقلال" أي قدرة على حمله، وإنما كان أرباب الأحوال هؤلاء على هذا الحال "إذ أخذوا أنفسهم في" الأمور المنطوية تحت حكم "العادة بأكمل الحالات" وأعلاها شرعا "و" كذلك كان شأنهم في أمور "العبادة".


(١) الموافقات ٤/ ١٧٣ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>