"و" هي في ذكر أن "سنة الصحابة الكرام" - رضي الله عنهم - سنة "مقبولة" وطريقة يمضي عليها، ويرجع إليها "في جملة" أي كل "الأحكام" الفقهية.
وذلك "لـ" أمور أحدها "ما أتى" في نصوص شرعية من الثناء "في" حقهم و"شأنهم خصوصا" من غير مثنوية، ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها كقوله - تعالى -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عِمرَان: ١١٠]"أو في" نصوص ذي "عموم يقبل التخصيصا" - الألف للإطلاق - كقوله - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البَقَرَة: ١٤٣] ففي الأولى إثبات الأفضلية على سائر الأمم وذلك يقضي باستقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة وفي الثانية إثبات العدالة مطلقا وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى. ولا يقال إن هذا عام في الأمة فلا يختص بالصحابة دون من بعدهم. لأنا نقول أولا ليس كذلك بناء على أنهم المخاطبون على الخصوص ولا يدخل معهم من بعدهم إلا بقياس وبدليل آخر. وثانيا على تسليم التعميم أنهم أول داخل في شمول الخطاب فإنهم أول من تلقى ذلك من الرسول عليه الصلاة والسلام وهم المباشرون للوحي. وثالثا أنهم أولى بالدخول من غيرهم إذ الأوصاف التى وصفوا بها لم يتصف بها على الكمال إلا هم. فمطابقة الوصف للاتصاف شاهد على أنهم أحق من غيرهم بالمدح. وأيضا فإن من بعد الصحابة من أهل السنة عدلوا الصحابة على الإطلاق والعموم فأخذوا عنهم رواية ودراية من غير استثناء ولا محاشاة بخلاف غيرهم فلم يعتبروا منهم إلا من صحت إمامته وثبتت عدالته وذلك مصدق لكونهم أحق بذلك المدح من غيرهم فيصح أن يطلق على الصحابة أنهم خير أمة بإطلاق وأنهم وسط أي عدول بإطلاق وإذا كان كذلك فقولهم معتبر وعملهم مقتدى به وهكذا سائر الآيات التى جاءت بمدحهم كقوله تعالى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[الحَشر: ٨] إلى قوله {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ