للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة السادسة"

٢٥٩١ - ثُمَّ بِتَحْقِيقِ الْمَنَاطِ قَدْيُرَا … تَعَلُّقٌ لِلاجْتِهَادِ نَظَرَا

٢٥٩٢ - فَذَ الِقَصْدِ الشَّرْعِ لَا يَفْتَقِرُ … كَمَا اللسَانُ فِيهِ لَا يُعْتَبَرُ

٢٥٩٣ - وَذَاكَ كالْقَارِئ فِيمَا يَحْمِلُ … أَوْ صَاحِبِ الْحَدِيثِ فِيمَا يَنْقُل

شيء من ذلك دل على أن ما أقدموا عليه من ذلك كانوا خلفاء بالإقدام فيه. فالاجتهاد منهم وممن كان مثلهم وبلغ في فهم مقاصد الشريعة مبالغهم صحيح لا إشكال فيه. هذا على فرض أنهم لم يبلغوا في كلام العرب مبلغ المجتهدين، فأما إذا بلغوا تلك الرتبة فلا إشكال أيضا في صحة اجتهادهم على الإطلاق والله أعلم (١).

"المسألة السادسة"

في أن الاجتهاد في تحقيق المناط لا يتوقف تحصيله على علم العربية. وبيان ذلك أن الاتجهاد قد يتعلق بما ذكر "ثم" إنه "بتحقيق المناط" - أي متعلق الحكم، وعلته - "قد يرى" ويوجد "تعلق للاجتهاد نظرا" واعتبارا، وما كان هكذا من الاجتهاد "فـ" إن "ذا لـ" علم "قصد" يعني مقاصد صاحب "الشرع لا يفتقر" تحصيله، وإيقاعه "كما" أن إدراك علم "اللسان" العربي "فيه لا يعتبر" شرطا، لأن المقصود من هذا الاجتهاد إنما هو العلم بالموضوع على ما هو عليه، وإنما يفتقر فيه إلى العلم بما لا يعرف ذلك الموضوع إلا به، من حيث قصدت المعرفة به، فلا بد أن يكون المجتهد عارفا ومجتهدا من تلك الجهة التي ينظر فيها، ليتنزل الحكم على وفق ذلك المقتضى، "و" بذلك فإن "ذاك" المجتهد الذي كلامنا فيه إنما هو "كالقارئ" للقرآن "في" تأدية "ما يحمل" من الرواية القرآنية ووجوه القراءات، وما يتصل بذلك من معارف "أو "كمثل "صاحب الحديث" أي المحدث "في" شأن "ما ينقل" من الأحاديث والآثار، فهذا علمه متعلق بأحوال الأسانيد، وطرقها، وصحيحها، وسقيمها، وما يحتج به من متونها مما لا يحتج به، وهذا يعتبر اجتهاده فيما هو عارف به من ذلك، سواء كان عالما بالعربية أم لا، وعارفا بمقاصد الشارع أم لا. ومثله الصانع في معرفة عيوب الصناعات، والطبيب في العلم بالأدواء والعيوب وعرفاء الأسواق في معرفة قيم السلع ومداخل العيوب


(١) الموافقات ٤/ ص ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>