" و" منها أنه "في" شأن "الخلاف" الفقهي المعتبر "بعد" أي بعد ثبوت أنها زلة حقيقة "لا يعتد بها" ولا تعتبر "ولا" تحسب "في بابه" أي الخلاف المذكور ولا "تعد" فيه، وبذلك لا يصح اعتمادها خلافا في المسائل الشرعية لأنها لم تصدر في الحقيقة عن اجتهاد، ولا هي من مسائل الاجتهاد الذي هو في واقع الأمر موطنه الظنيات فقط، وإن حصل من صاحبها - أي هذه الزلة - اجتهاد فهو لم يصادف فيها محلا، فصارت في نسبتها إلى الشرع كأقوال غير المجتهد. وإنما يعد في الخلاف الأقوال الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة كانت مما يقوى، أو يضعف. وأما إذا صدرت عن مجرد خفاء الدليل وعدم مصادفته فإنه يعتد بها ولا تعتبر كما لم يعتد السلف الصالح بالخلاف في مسألة ربا الفضل، ونكاح المتعة، وإتيان محاشى - أدبار - النساء، وأشباهها من المسائل التي خفيت فيها الأدلة على من خالف فيها، "و" هذه الأقوال الساقط إعتبارها والاعتداد بها إن ذكرت فإنها "إنما تذكر تنبيها على أن يتحاشى" ويتقى ويجتنب "مثلها" أن يعمل به "إن نقلا" - الألف للإطلاق - عن عالم ما، كما يتحاشى ويتجنب العمل بها هي نفسها.
"و" هذه الأقوال الشاذة - الزلات - علامتها "هي" ما تتصف به من "منافاة" ومخالفة "الدليل" الشرعي "القطعي" حكمه و"المقتفى" أي المتبع "سبيله" ومقتضاه "في" هذا "الشرع" الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه. "وأهل الاجتهاد" من علماء هذه الأمة "يعرفونا" - الألف للإطلاق - ويعلمون "موضعها" التي وردت فيه، كما يعرفونها بما هي عليها من حال وصفة "معرفة يقينا" لأنهم العارفون بما وافق الشرع أو خالفه، وأما غيرهم فلا تمييز لهم في هذا المقام، ويعضد هذا أن المخالفة للأدلة الشرعية على مراتب: فمن الأقوال ما يكون خلافا لدليل قطعي من نص متواتر أو