للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَة"

٨٣٦ - وَبَعْدُ فَالدِّينُ بِهِ مَعْلُومُ … أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مَعْصُومُ

عن حكم الربا المحرم، فالمقدم على التفاضل فيها مقدم على ما هو جائز، وما هو جائز لا ضرر فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل فيه مصلحة لأجلها أجيز. وإذا غلب على ظن الشافعي أن الربا فيها غير جائز، فهي عنده داخلة حكم الربا المحرم، وجهة المصلحة عنده هي المرجوحة لا الراجحة، وهي كذلك في نفس الأمر على ما ظنه. فلا ضرر لاحق به في الدنيا وفي الآخرة. فحكم المصوب هاهنا حكم المخطئ، وإنما يكون التناقض واقعا إذا عد الراجح مرجوحا من ناظر واحد؛ بل هو من ناظرين ظن كل واحد منهما العلة التي بني عليها الحكم موجودة في المحل، بحسب ما في نفس الأمر عنده وفي ظنه، لا ما هو عليه في نفسه؛ إذ لا يصح ذلك إلا في مسائل الإجماع فههنا اتفق الفريقان. وإنما اختلفا بعد: فالمخطئة حكمت بناء على أن ذلك الحكم هو ما في نفس الأمر عنده وفي ظنه. والمصوبة حكمت بناء على أنه لا حكم في نفس الأمر، بل هو ما ظهر الآن. وكلاهما بان حكمه على علة مظنون بها أنها كذلك في نفس الأمر. وهذا الذي ذكره الشاطبي إنما يصح إذا تقرر أن المصالح الشرعية إضافية باعتبار أن الأحكام التي تتبعها هي - كذلك - إضافية، كما ذكر.

وأما إذا كانت المصالح ذاتية فإنه لا يستقيم لأنها ستكون حقيقية موضوعية، ثابتة في مواطنها، فلا تكون تابعة لرأي الفقيه الاجتهادي التابع لغلبة ظنه، وبذلك ما قاله القرافي هو الصواب والله تعالى أعلم (١).

" المسألة الثانية عشرة"

في أن هذه الشريعة المباركة معصومة، كما أن صاحبها معصوم، وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة.

قال الناظم: "وبعد" أي هذا الذي تقدم ذكره من قطعية الأصول الشرعية، وأن مصالح العباد محفوظة بها، "فـ" إنه ينبغي أن يعلم أن هذا "الدين" مقرر "به" أي فيه و"معلوم" منه بالضرورة "أن الذي جاء به" أي بهذا الدين وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - "معصوم"


(١) الموافقات ٢ - ٤٣ - ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>