للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" فصل"

٢٣٧٦ - كَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي ذَا الْبَابِ … مِنْ مُقْتَضَى التَّرْتِيبِ كَالْكِتَابِ

" فصل"

في أن الأخذَ بهذا المنهج لا يختصُّ بالقرآن الكريم بل "كذلك" شأن "السنة" النبوية "في ذا الباب" لأنها مبنيّة للكتاب، وبذلك فهي ماضية على وفقه في التفسير والبيان له وتفسير بعضها لبعض، وبذلك يؤخذ في شأن تفسيرها بما تقدم تقريره "من" وجوب اعتبار "مقتضى" وموجب "التّرتيب" المذكور فينزّل المتأخر منها على المتقدم "كـ" ما هو الحال المقرر في "الكتاب" في هذا الشأن فإنه بحسب المعرفة بالتقديم والتأخير يحصل بيان الناسخ من المنسوخ في الحديث كما يتبين ذلك في القرآن أيضا ويقع في الأحاديث أشياء تقررت قبل تقرير كثير من المشروعات فيأتي فيها إطلاقات أو عمومات ربما أوهمت ففهم منها ما يفهم منها لو وردت بعد تقرير تلك المشروعات كحديث من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة أو حديث ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صادقا من قلبه إلا حرمه الله على النار وفي المعنى أحاديث كثيرة وقع من أجلها الخلاف بين الأمة فيمن عصى الله من أهل الشهادتين فذهبت المرجئة إلى القول بمقتضى هذه الظواهر على الإطلاق وكان ما عارضها مؤولا عند هؤلاء وذهب أهل السنة والجماعة إلى خلاف ما قالوه حسبما هو مذكور في كتبهم وتأولوا هذه الظواهر ومن جملة ذلك أن طائفة من السلف قالوا إن هذه الأحاديث منزلة على الحالة الأولى للمسلمين وذلك قبل أن تنزل الفرائض والأمر والنهي ومعلوم أن من مات في ذلك الوقت ولم يصل أو لم يصم مثلا وفعل ما هو محرم في الشرع لا حرج عليه لأنه لم يكلف بشيء من ذلك بعد فلم يضيع من أمر إسلامه شيئا كما أن من مات والخمر في جوفه قبل أن تحرم فلا حرج عليه لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المَائدة: ٩٣] الآية وكذلك من مات قبل أن تحول القبلة نحو الكعبة لا حرج عليه في صلاته إلى بيت المقدس لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البَقَرَة: ١٤٣] وإلى أشياء من هذا القبيل فيها بيان لما نحن فيه وتصريح بأن اعتبار الترتيب في النزول مفيد في فهم الكتاب والسنة (١).


(١) الموافقات ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>