للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الثالثة"

٢٥٥٠ - أَنَّ فُرُوعَ الشَّرْعِ كَالْقَوَاعِدِ … تَرْجِعُ فِي الحُكْمِ لِقَوْلٍ وَاحِدِ

٢٥٥١ - وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ ذَاكَ فِيهِ … وَكَمْ مِنَ الآيَاتِ تَقْتَضِيهِ

والخطأ فيه. هذا قوله، وهو الحق الذي لا محيص عنه. وغالب ما صنف في أصول الفقه من الفنون إنما هو من المطالب العربية التي تكفل المجتهد فيها بالجواب عنها. وما سواها من المقدمات فقد يكفي فيه التقليد، كالكلام في الأحكام تصورا وتصديقا، كأحكام النسخ، وأحكام الحديث، وما أشبه ذلك. فالحاصل أنه لا غنى بالمجتهد في الشريعة عن بلوغ درجة الاجتهاد في كلام العرب، بحيث يصير فهم خطابها له وصفا غير متكلف ولا متوقف فيه في الغالب إلا بمقدار توقف الفطن لكلام اللبيب (١).

"المسألة الثالثة"

في أن الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها، وأصولها. وبيان ذلك "أن فروع الشريعة" وأحكامها الجزئية الجارية على أفعال المكلفين على سبيل التعيين والتفصيل هي "كـ" مثل "القواعد" أي الأصول من حيث إنها كلها "ترجع" في واقع الحال و"في الحكم لقول واحد" صادر من الشارع، وهو القول الذي يدل على الحكم المطلوب، وإن كثر الخلاف في الفروع، فإن ذلك لا يقتضي تعدد الأقوال أو الأدلة الشرعية فيما اختلف فيه من ذلك، وإنما الخلف منبعه فهم المجتهدين، واختلاف مداركهم واعتباراتهم في موضع الخلف، أما قول الشارع في ذلك فإنه - كما تقدم ذكره - ليس إلا واحدا "ولا يصح" شرعا ونظرا "غير ذلك" في هذا الشأن ولا يصلح "فيه" سواه.

"و" هذا أمر "كم من الآيات" في القرآن الكريم تدل عليه و"تقتضيه" تام الظهور والوضوح من ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النِّسَاء: ٨٢] فنفى أن يقع فيه الخلاف البتة، ولو كان ما يقتضي قولين مختلفين لم يصدق عليه هذا الكلام على حال. وفي القرآن: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النِّسَاء: ٥٩] الآية؛ وهذه الآية صريحة في رفع التنازع والاختلاف، فإنه رد المتنازعين


(١) الموافقات ٤/ ص ٨٤ - ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>