للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" فَصْلٌ"

٧٩١ - وَخَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الاعْتِيَادِ … كَكُلِّ مَا يَصْلُحُ بِالْإِفْسَادِ

٧٩٢ - إِنْ ظَهَرَ التَّرْجِيحُ فَالْحُكْمُ اقْتُفِي … أَوْ لَا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوَقُّفِ

إيقاع المفسدة المرجوحة فهو مطلوب بإيقاع الفعل ومنهي عن إيقاع الفعل معا، والجهتان غير منفكتين، لما تقدم من أن المصالح والمفاسد غير متمحضة، فلا بد في إيقاع الفعل أو عدمه من توارد الأمر والنهي معا، فقد قيل له: افعل ولا تفعل، لفعل واحد، أي من وجه واحدة في الوقوع، وهو عين تكليف ما لا يطاق (١).

" فصل"

في أنه إذا كانت المصلحة أو المفسدة خارجة عن حكم الاعتياد بحيث لو انفردت لكانت مقصودة الاعتبار للشارع ففي ذلك نظر؛ ولابد من تمثيل ذلك ثم تخليص الحكم فيه بحول الله. مثاله أكل الميتة للمضطر وأكل النجاسات والخبائث اضطرارا، وقتل القاتل، وقطع القاطع - وبالجملة العقوبات والحدود - للزجر، وقطع اليد المتآكلة، وقلع الضرس الوجعة، والإيلام بقطع العروق والفصد وغير ذلك، للتداوي وما أشبه ذلك من الأمور التي لو انفردت عما غلب لكان النهي عنها متوجها، وبالجملة كل ما تعارضت فيه الأدلة.

قال الناظم: "و" أما ما هو "خارج عن حكم الاعتياد" وارتقى إلى درجة ما يعتبر مثله في نظر الشارع وذلك "ككل ما" أمر لا "يصلح" أي لا يتصف بأنه مصلحة إلا "بـ" الامتزاج بـ "الإفساد" فإن هذا فيه نظر، وهو الذهاب في شأنه إلى الترجيح بين ما فيه من المصلحة وما فيه من المفسدة فـ "إن ظهر الترجيح" لأحدهما على الآخر وبان أمره بما يدل عليه ص الأدلة "فالحكم" المقتضى به في ذلك "اقتفي" واتبع، فإن رجح وغلب أمر المصلحة فيه صير إليه، وحكم في شأنه بأنه مطلوب، لأنه مصلحة، وإن غلب أمر المفسدة فيه حكم بمقتضى ذلك، فنهي عن ذلك لأنه مفسدة. فإن لم تعلم حقيقة أمره في هذا الشأن "أو لا" يظهر لنا من حاله شيء يستبين به كونه مصلحة أو مفسدة "فـ" إنه "لا بد" حينئذ "من التوقف" عن الحكم، والإمساك عنه في ذلك.


(١) الموافقات ٢ - ٢١ - ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>