في بيان أن كل ما ثبت فيه اعتبار التعبد فإنه لا تفريع فيه، وكل ما ثبت فيه من اعتبار المعاني دون التعبد، فإنه لا بد فيه من اعتبار التعبد بوجه لا يسقط فيه اعتبار المعاني. وفي ذلك وبيانه يقول المصنف:
"ثم" إن "الذي" من الأمور المشروعة "يعتبر التعبد" وهو تمحضه للعبادة من غير علم بموجب ما هو عليه من هيئة أو حال "فيه" يجب إجراء النظر فيه بمقتضى هذا الأمر المعتبر فيه، وبذلك "فـ" إنه "لا تفريع" يعني لا قياس "فيه" يعني عليه "يوجد" شرعا فالأمور التعبدية توقيفية، فهي لا مجال فيها للأقيسة وإنشاء أمور أخرى تلحق بها، كإنشاء عبادة على هيئة معينة بقياسها على عبادة أخرى مشروعة.
"و" أما "ما" يكون "به القصد إلى المعنى" والعلة المعينة أمر قد "ظهر" وبان فإنه "لا بد" أن يلحظ فيه "من تعبد" و"أن يعتبر"، فإن كل حكم شرعي فيه حق لله - تعالى - وإن كان جاريا في العوائد.
ويدل على ذلك أوجه منها: أحدها: أن معنى الاقتضاء أو التخيير لازم للمكلف عرف المعنى الذي لأجله شرع الحكم أولم يعرفه بخلاف اعتبار المصالح فإنه غير لازم فإنه عبد مكلف فإذا أمره سيده لزمه امتثال أمره باتفاق العقلاء بخلاف المصلحة فإن اعتبارها غير لازم له من حيث هو عبد مكلف على رأي المحققين وإذا كان كذلك فالتعبد لازم لا خيرة فيه واعتبار المصلحة فيه الخيرة وما فيه الخيرة يصح تخلفه عقلا وإذا وقع الأمر والنهي شرعا لم يصح تخلفهما عقلا فإنه محال فالتعبد بالاقتضاء أو التخيير لازم بإطلاق واعتبار المصالح غير لازم بإطلاق خلافا لمن ألزم اللطف والأصلح وأيضا فإنه لازم على رأي من ألزم الأصلح وقال بالحسن والقبح العقليين فإن السيد إذا أمر عبده لأجل مصلحة هي علة الأمر بالعقل يلزم الامتثال من حيث مجرد الأمر لأن مخالفته قبيحة ومن جهة اعتبار المصلحة أيضا فإن تحصيلها واجب عقلا