فيه نفسه ولا مانعا، لما في ذلك من التدافع. وإنما سببا لحكم، وشرطا لآخر، ومانعا لآخر ولا يصح اجتماعها على الحكم الواحد ولا اجتماع اثنين منها من جهة واحدة؛ كما لا يصح ذلك في أحكام خطاب التكليف.
"المسألة الثانية"
في أن مشروعية الأسباب لا تستلزم مشروعية المسببات، وإن صح التلازم بينهما عادة.
"شرعية الأسباب" يعني جريان الأحكام الشرعية المختلفة عليها "لن يستلزما" ويوجب "شرعية المسببات" المترتبة عليها، بحيث تجري عليها أحكام أسبابها نفسها "فاعلما" ذلك واعرفه - والألف في قوله:"فاعلما" لعلها منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة - "وإن يكن يصح فيها" في تلك الأسباب - يعني بينها "عادة" بناء على استرسال مجاري العوائد وبقائها "تلازم" كما يدل على ذلك الحس والتجربة "فإن الشرع غير العادة" فقد يكون بين شيئين تلازم عادة، وأمرهما في الحكم الشرعي ليس كذلك، فإن الشارع قد يأمر بالسبب ثم إن ذلك لا يستلزم الأمر بالمسبب، وقد لا ينهى عنه فلا يستلزم ذلك النهي عن المسبب، وذلك "كالأمر بالنكاح" الوارد عن الشارع فإنه "لا يستلزم أمرا بـ" إيجاد "ما عن" ذلك "النكاح" - العقد - "يلزم" وذلك كحلية البضع، لان ذلك ليس داخلا تحت مقدور المكلف فليس مخاطبا بكسبه، لأنَّهُ حكم شرعي.
ومثله الأمر بالقتل في القصاص لا يستلزم الأمر بإزهاق الروح، والنهي عن القتل العدوان لا يستلزم النهي عن الإزهاق، والنهي عن التردي - السقوط - في البئر لا يستلزم النهي عن هلك المتردي فيها. والنهي عن جعل الثوب في النار لا يستلزم النهي عن نفس الإحراق. ومثل ذلك وهو كثير. وإنما ليس هذا كله مأمورا به لأن المسببات من خلق الله - تعالى - ومن حكمه.