وقال سحنون: من كان أهلا للإمامة وتقليد العلوم ففرض عليه أن يطلبها لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ومن لا يعرف المعروف كيف يأمر به أو لا يعرف المنكر كيف ينهى عنه (١).
"المسألة الثانية عشرة"
في أن ما أصله الإباحة للحاجة أو الضرورة إلا أنه تتجاذبه العوارض المضادة لأصل الإباحة وقوعا أو توقعا هل يترك على أصل الإباحة بالنقض أو لا؟ هذا محل نظر وإشكال، والقول فيه لا يخلو إما أن يضطر إلى المباح أو لا. وإذا لم يضطر إليه فإما أن يلحقه بتركه حرج أم لا، فهذه ثلاثة أقسام في ذلك وبيان حكمه.
يقول الناظم:"وكل ما" أي شيء كان "مباح الفعل" وكان فعله "ضرورة" أي لأجل الضرورة وذلك كالاضطرار إلى الأكل والشرب والمعاملات "أو حاجة" أي لأجل الحاجة "في الأصل" متعلق بقوله "مباح" يعني: وكل ما كان مباح الفعل في الأصل، لكنه اضطر إلى فعله للضرورة أو الحاجة "وجاذبته مع" وجود "ذا" الوصف فيه وهو الإباحة الأصلية الاضطرار والحاجة إليه العوارض جمع عارض والمراد - هنا ما يمنع من جريان حكم تلك الإباحة وما يسقطه شرعا، وتلك العوارض سواء وقعت في محل ذلك الحكم "وقوعا" ووجدت فيه الآن، "أو" توقعت "توقعا" فهي منتظرة الوقوع في المآل، وهي كل حال "تعارض" وتمنع جريان الحكم المذكور "هل يبطل" ويسقط الحكم "العارض" المذكور وذلك "حين يعتبر أصل" الفعل "الذي أبيح" ويرجح، أو يبطل أصل الإباحة ويرجح حكم العارض "في هذا نظر" وتفصيل ذلك أن ذلك الفعل المباح لا يخلو إما أن يضطر إليه أم لا. فإن لم يضطر إليه فإنه إما أن يكون في تركه