تتعدى محل موجبها، وكذلك الصلوات خصت بأفعال مخصوصة على هيئات مخصوصة إن خرجت عنها لم تكن عبادات ووجدنا الموجبات فيها تتحد مع اختلاف الموجبات وأن الذكر المخصوص في هيئة ما مطلوب وفي هيئة أخرى غير مطلوب وأن طهارة الحدث مخصوصة بالماء الطهور وإن أمكنت النظافة بغيره وأن التيمم وليست فيه نظافة حسية يقوم مقام الطهارة بالماء المطهر وهكذا سائر العبادات كالصوم والحج وغيرهما وإنما فهمنا من حكمة التعبد العامة الانقياد لأوامر الله تعالى وإفراده بالخضوع والتعظيم لجلاله والتوجه إليه وهذا المقدار لا يعطى علة خاصة يفهم منها حكم خاص إذ لو كان كذلك لم يحد لنا أمر مخصوص بل كنا نؤمر بمجرد التعظيم بما حد وما لم يحد ولكان المخالف لما حد غير ملوم إذ كان التعظيم بفعل العبد المطابق لنيته حاصلا وليس كذلك باتفاق فعلمنا قطعا أن المقصود الشرعي الأول التعبد لله بذلك المحدود وأن غيره غير مقصود شرعا (١).
وفي الأصل بسط في أدلة هذه المسألة وتوسع فليرجع إليه للاطلاع على ذلك.
فصل: في بيان أن هذا الحكم في العوائد، إنما هو في العوائد التي لم يجر فيها التعبد، "فإن أتى" أي جاء شرعا "في" شأن "العادة" جريان "التعبد" ووقع حكمه فيها "فـ" إن المحكم في ذلك هو "النص" الشرعي، إذ هو الـ "متبوع" مقتضاه في ذلك "بحيث" أي في كل محل "يوجد" وذلك كطلب الصداق في النكاح، والذبح في المحل المخصوص في الحيوان المأكول، والفروض المقدرة في المواريث، وعدد الأشهر في العدة الطلاقية والوفوية "و" ما أشبه ذلك مما "لا مجال فيه للعقول" في فهم مصالحها الجزئية - عللها الفقهية - حتى يقاس عليها غيرها، وبذلك لا يجري فيها القياس، "فما القياس فيه" أي في هذه العوائد المتعبد بها "بالمقبول" والصحيح.