بالفريقين. وقبل عليه الصلاة والسلام من أبي بكر ماله كله، وندب غيره إلى استبقاء بعضه وقال:"أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" وجاء آخر بمثل البيضة من الذهب، فردها في وجهه.
وقال علي:"حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ " فجعل إلقاء العلم مقيدا، فرب مسألة تصلح لقوم دون قوم وقد قالوا في الرباني إنه الذي يعلم بصغار العلم قبل كباره. فهذا الترتيب من ذلك. وروي عن الحارث بن يعقوب قال:"الفقيه كل الفقيه من فقه في القرآن، وعرف مكيدة الشيطان" فقوله وعرف مكيدة الشيطان هو النكتة في المسألة. وعن أبي رجاء العطاردي قال قلت للزبير بن العوام: ما لي أراكم يا أصحاب محمد من أخف الناس صلاة؟ قال: نبادر الوسواس. هذا مع أن التطويل مستحب، ولكن جاء ما يعارضه، ومثله حديث "أفتان أنت يا معاذ؟ ".
ولو تتبع هذا النوع لكثر جدا، ومنه ما جاء عن الصحابة والتابعين، وعن الأئمة المتقدمين. وهو كثير (١).
"المسألة الثانية"
في أن بعض أضرب الاجتهاد قد يحصل ممن اتصف بفهم مقاصد الشريعة على كمالها، وبالتمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها. وبيان ذلك أن "مقام" بعض أنواع "الاجتهاد في الشرع" قد "استقر" وثبت "لكل عالم" اتصف "بوصفين" و"اشتهر" بتحليه بهما.
أحدهما:"الفهم للمقاصد الشرعية" على الوجه الذي بنيت به الشريعة عليها، وقامت به عليها ويجب أن يكون ذلك الفهم "على كمال" وتمام "حاله المرعية" التي قيامها على العلم بثبوت رعاية المقاصد شرعا، وعلى العلم بأنواعها؛ والوجه الذي