المُبْلى، فيستسلم العبد للقضاء، ولذلك لما لم يكن التداوي محتمًا تركه كثير من السلف الصالح، وأذن عليه الصلاة والسلام في البقاء على حكم المرض؛ كما في حديث السوداء المجنونة التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها فخيرها في الأجر مع البقاء على حالتها، أو زوال ذلك. وكما في الحديث:"ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون". ويمكن اعتبار جهة الحظ بمقتضى الإذن ويتأيد بالندب؛ كما في التداوي حيث قال عليه الصلاة والسلام:"تداووا فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء" وأما إن ثبتت الإباحة فالأمر أظهر (١).
"فصل"
في أن ما ذكر إنما فيما كان من الأعمال تتسبب عنه مشقة وهو من المأذون فيه "و" أما "غير ما الأذن به" أي فيه "قد وقعا" وورد فإنه "أظهر في "جريان "المنع" الشرعي "لمن فيه" أي في كسبه "سعا" لأنه زاد على ارتكاب النهي إدخال العنت والحرج على نفسه.
"المسألة الثامنة"
في بيان الضرب الثالث مما يعد شاقا من جهة مخالفة الهوى وفي بيان حكمه. "وثالث" من تلك الضروب هو الذي "يلفى" أي يوجد "لذاك" الضرب المتقدم - الضرب الثاني - "ضاها" أي وافق من جهة أنه ليس فيه من المشقة ما هو خارج عن المعتاد، إلا أن فيه من المشقة "ما يخرج النفوس عن" سلطان "هواها" وقهره. وذلك أن مخالفة ما تهوى النفس شاق عليها وصعب خروجها عنه، وأحوال أهل الكفر، والعشاق والغارقين في بحار اللهو تشهد بقطع على هذا الأمر.