بقائه، والصبر عليه "كمثل ما لا يقصد" ولا يريد إرادة تشريع "التسببا" والسعي في "جلب ما من ذاك" الذي ذكره من المشقة "قد تجنبا" يعني - بالبناء للمجهول - من تجنب الشيء إذ اتقاه وتفاداه لكونه مما يؤذي، أو مما يتقى أذاه. غير أن الله - تعالى - قد خلق المؤلمات والمؤذيات لابتلاء عباده واختبارهم "و" بذلك "كل مؤلم" أي موجع "بهاذي الدار" الفانية - دار الدنيا - "فهو من البلوى" أي الاختبار للعباد والتمحيص لهم، يسلط ما شاء على من شاء لما شاء، "للاختبار" الذي له سبحانه في التصرف في ملكه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣].
"و" أما حكم هذا الذي ذكر من المؤلمات فإنه قد "فهم" ثبوت "الأذن من" مجموع "المشروع" أي الشريعة "في دفعه" وإزالته رفعا للمشقة، وحفظا للحظوظ المشروعة "إن كان" ذلك المؤلم "ذا وقوع" أي واقعا "و" كذلك وقع ثبوت الإذن من الشارع - أيضا - "في التوقي" توقي الشيء إذا تحرز منه - أي التحرز مما لم يقع "بعد" وهو "مما يتقى" أي يخاف ويخشى "منه أذى" أي ضرر وألم "أو اعتداء مطلقا" سواء كان ذلك الدفع منحتما أم لا إلا أنه إن كان منحتما فإنه لا إشكال في علمنا أن الشارع قصد رفع تلك المشقة، كما أوجب علينا دفع المحاربين والساعين على الإسلام والمسلمين بالفساد، وجهاد الكفار القاصدين لهدم الإسلام، وأهله. "و مقتضى التكليف" بذلك أنه "عنه تحصل" وتترتب "مصالح" الدار "الأخرى" الباقية "إذا ما يعمل" به، ويمتثل الأمر الوارد به، وذلك "بـ" سبب "كونه لـ" أمور "المؤلمات" للأبدان والنفوس "دافعا" ومزيلا، "و" بسبب "جلبه لما يكون نافعا" للأبدان والنفوس وأما إن لم يكن منحتمًا دفعه فإنه يمكن اعتبار جهة التسلط والابتلاء وأن ذلك الشاق مرسل من المسلّط