" و" أيضًا فقد ورد "النهي" الشرعي "عنه" أي عن هذا الذي يؤدي إلى المفسدة كثيرا، و "جاء" حكما "في مسالك" من هذا الصنف، وهو ما يؤدي إلى المفسدة كثير ومن ذلك ما جاء على ما ذكره الشاطبي عنه - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن الخليطين وعن شرب النبيذ بعد ثلاث وعن الإنتباذ في الأوعية التي لا يعلم بتخمير النبيذ فيها وبين عليه الصلاة والسلام أنه إنما نهى عن بعض ذلك لئلا يتخذ ذريعة فقال لو رخصت في هذه لأوشك أن تجعلوها مثل هذه يعني أن النفوس لا تقف عند الحد المباح في مثل هذا ووقوع المفسدة في هذه الأمور ليست بغالبة في العادة وإن كثر وقوعها وحرم عليه الصلاة والسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية وأن تسافر مع غير ذي محرم ونهى عن بناء المساجد على القبور وعن الصلاة إليها وعن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها.
وقال إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم وحرم نكاح ما فوق الأربع لقوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: ٣] وحرمت خطبة المعتدة تصريحا ونكاحها وحرم على المرأة في عدة الوفاة الطيب والزينة وسائر دواعي النكاح وكذلك الطيب وعقد النكاح للمحرم ونهى عن البيع والسلف وعن هدية المديان وعن ميراث القاتل وعن تقدم شهر رمضان بصوم يوم أو يومين وحرم صوم يوم عيد الفطر وندب إلى تعجيل الفطر وتأخير السحور إلى غير ذلك مما هو ذريعة وفي القصد إلى الإضرار والمفسدة فيه كثرة وليس بغالب ولا أكثري (١).
وهذا كلّه "مما به يعضد" ويقوى "قول مالك" المذكور في هذه المسألة (١).
"المسألة السَّادسة"
في بيان أن "كلّ" شخص "مكلف وما" أي ليس به "من مانع" كاضطرار أو عجز هو من يطلب بالقيام "بما يخصه من المنافع" والمصالح.